كيف أنجح في إقناع الآخرين؟

كيف أنجح في إقناع الآخرين؟
(اخر تعديل 2024-04-19 06:42:14 )
بواسطة

سنعرف في هذا المقال "كيف أنجح في إقناع الآخرين؟"، ونتعرَّف إلى مبادئ الإقناع وشرح كيفية عمله، لنصبح مؤثرين في توجيه الأفكار والتأثير في الآخرين بشكل إيجابي؛ لذا دعونا نستعرض معاً أهم الخطوات والتقنيات التي تمهد الطريق نحو نجاحنا في فن الإقناع.

ما هو الإقناع؟

الإقناع هو عملية يحاول فيها شخص أو جهة ما التأثير في شخص آخر أو مجموعة من الأشخاص لتغيير معتقداتهم أو سلوكاتهم، ويتميز الإقناع عن الإكراه، بحيث يكون للأشخاص الذين يتلقون الرسالة خياراً بالقرار فيما إذا كانوا سيتصرفون بناءً عليها أم لا، و"الإقناع الإكراهي" يشير إلى التلقين أو غسيل المخ، كما قد يحدث في الجماعات المتطرفة.

قد يكون الإقناع قوة فعالة تؤثر في قرارات وأفعال الأفراد؛ إذ تكون الرسائل المقنعة رمزية (باستخدام الكلمات والصور والأصوات) ويمكن نقلها شفوياً أو غير شفوي عبر وسائط الإعلام أو التواصل وجهاً لوجه، كما قد يكون الإقناع ظاهراً أو غامضاً، فقد يساعدك فهم كيفية عمله على أن تكون أكثر وعياً بكيفية تأثرك بالرسائل المقنعة.

كيف أنجح في إقناع الآخرين؟

إليك الخطوات التي يمكنك اتخاذها لإقناع الآخرين بنجاح:

أولاً: بناء المصداقية

لتطوير مصداقيتك وتحفيز زملائك لاتباع اقتراحاتك:

من المفيد تكوين سمعة واعتمادية في العمل، ويمكنك فعل ذلك عن طريق قول الحقيقة باستمرار وتقديم حقائق ذات صلة والتحقق دائماً من المعلومات التي تشاركها، ويمكنك أيضاً بناء المصداقية من خلال قبول المسؤولية عن أفعالك في العمل.

ثانياً: معرفة جمهورك

التعرف أكثر إلى اهتمامات ورغبات وأهداف جمهورك قد يضمن أن تكون رسالتك ذات صلة بالنسبة إليهم، وهذا يساعدك على أن تكون أكثر إقناعاً، ويمكن أن تبسِّط هذه الخطوة عملية الإقناع وتحسِّن من نسبة نجاحك.

ثالثاً: الاستماع لوجهات نظر أخرى وتقديم الإطراء

لتحقيق النجاح في إقناع شخص ما، يفيد أن تُظهِر احتراماً لآرائه: يمكنك فعل ذلك عن طريق الاستماع بانتباه لوجهة نظره قبل مشاركة رسالتك، فكن مهذباً ولا تقاطع أبداً، ولإظهار أنَّك قد استمعت بعناية، يمكنك التعبير عن تقديرك لرأيه محدداً العناصر التي تتفق معها.

رابعاً: تحديد دوافع الآخرين

في أثناء الاستماع لآراء الآخرين، حاول تحديد الدافع وراء تلك الآراء؛ إذ إنَّ فهم ما يحفز الآخرين يساعدك على اكتشاف رغباتهم وأهدافهم والمجالات التي قد يفكرون في التنازل فيها، كما قد يساعد تحديد دوافع الآخرين على التعرف إلى ما يجمعكم.

شاهد بالفديو: كيف تمتلك مهارة الإقناع والتأثير في الآخرين

خامساً: تخصيص رسالتك

تعتمد كيفية استقبال جمهورك لرأيك غالباً على كيفية ارتباطهم بمحتوى رسالتك، فعلى الرغم من أنَّ جمهورك قد يشترك في بعض التشابهات، إلا أنَّهم قد يستجيبون بطرائق مختلفة لأفكارك؛ لذا فكر في صياغة رسائل بديلة لإقناع فئات مختلفة من جمهورك.

سادساً: دعم وجهة نظرك بالمنطق

يساعد دعم الرأي بأمثلة وأدلة قوية جمهورك على عَدِّك شخصاً جديراً يثقون به، فقد تشمل أمثلتك إحصاءات أو حكايات أو قصصاً، كما قد تنشئ القصص روابط بين ما يفكر فيه شخص ما وما يؤمن به وما ترغب أنت في توصليه، وقد يؤثر الإقناع بواسطة الأدلة أيضاً في حث شخص على دعم وجهة نظرك، وهذا يساعدك على إقناع مزيد من الأشخاص.

مبادئ للإقناع:

يعترف علماء النفس بست خصائص للإقناع تم التعرف إليها أصلاً من قِبل "روبرت تشالديني" دكتور في علم النفس في عام 1984، وتصف هذه المبادئ ما يجعل الرسائل المقنعة مؤثرة وناجحة، وقد تستخدم بعض طرائق الإقناع هذه التكتيكات في وقت واحد، وهي:

1. المعاملة بالمثل (Reciprocity):

بصفتنا بشراً نميل إلى رد الجميل للآخرين عندما يقدِّمون شيئاً لنا، فيمكنك بسهولة إقناع صديق بالقيام بمعروف لك إذا كنت قد قدَّمت له معروفاً بالفعل، وفي سياق الأعمال، قد تعني المعاملة بالمثل أن تكون على استعداد لتقديم عنوان بريدك الإلكتروني من أجل الحصول على خصم على مشترياتك.

2. الندرة (Scarcity):

قد يتغير سلوكك إذا اقتنعت بأنَّك ستفقد الوصول إلى شيء، أو أنَّه لا يوجد ما يكفي منه للجميع، فيمكنك رؤية هذا المبدأ في العمل عندما تنبهك شركة الطيران بأنَّه يوجد عدد قليل من المقاعد المتبقية على رحلة تفكر في حجزها، أو عندما يعلن تاجر التجزئة عن تخفيض لفترة محدودة.

3. السلطة (Authority):

إذا كنت تعتقد أنَّ شخصاً أو جهة ما لديهم معرفة كبيرة، فقد تكون أكثر عرضة للاقتناع برسالتهم، فقد يستخدم الإعلان أو المرشح السياسي شخصية ذات سلطة، مثل طبيب أو مؤرخ أو عالِم لدعم حججه.

4. الاتساق أو الالتزام (Consistency or Commitment):

لدى الناس ميل إلى الاستمرار في سلوكهم السابق أو الالتزام بالقرار الذي اتخذوه، على سبيل المثال، في مقابلة أعطى "تشالديني" مثالاً يتعلق بمطعم يعاني من مشكلة العملاء الذين يحجزون ولا يأتون، فعندما يحجز زبون طاولة، إذا طلب منه موظف خدمة العملاء أن يتصل إذا كان يريد إلغاء الحجز (وحصل على إجابة إيجابية)، كان أقل عرضة لتفويت الحجز، وكان الزبائن يقدِّمون وعداً صريحاً ويلتزمون به.

5. البرهان الاجتماعي (Social Proof):

هذا هو مبدأ "الأمان في الأعداد"، فإذا رأينا أنَّ أصدقاءنا أو أقراننا اشتروا شيئاً، أو دعموا مرشحاً سياسياً، أو وافقوا عموماً على رسالة إقناع، فقد نكون أكثر عرضة للاتفاق معها أيضاً.

6. الإعجاب (Liking):

إذا كنت تعرف وتحب الشخص (أو حتى الشركة، أو المرشح، أو الوكالة الحكومية) التي تحاول إقناعك بشيء، فستكون أكثر استعداداً للاتفاق مع حججها، ويشبه هذا المبدأ مبدأ "البرهان الاجتماعي"، ولكنَّه يتعلق أكثر بجودة العلاقة؛ إذ يتعلق "البرهان الاجتماعي" بالكمية.

شاهد بالفديو: 20 مهارة تجعل الجميع يوافق على ما تقوله

كيف يعمل الإقناع؟

كُتب كثير عن الإقناع، خاصةً فيما يتعلق بالخطابة وعلم النفس والتسويق، وقد حدد علماء النفس الاجتماعيون محفزات تجعل الناس يتبعون الآخرين ويتخذون قرارات غير منطقية، لكن لماذا تعمل هذه المحفزات؟ وماذا يحدث في أدمغتنا؟ وماذا لو كنا قادرين على تقديم شرح شامل لما يحدث فعلياً خلال عملية الإقناع؟ وماذا لو كنا قادرين على كشف سر القناعة وكسر الشيفرة السحرية للجاذبية واكتشاف القوة في أن نكون مقنعين؟

يمكن شرح الجاذبية بشكل منطقي بالشكل الآتي:

بحسب التعريف، الإقناع هو الموافقة على فكرة أو طلب أو اقتراح عن طريق الامتثال له أو التفكير فيه أولاً وربما المفاوضة، إذاً كيف يعمل؟ لقد قدَّم علم النفس العصبي أدلة لوجود ثلاثة أجزاء في الدماغ هامة جداً للإقناع؛ وهي القشرة الأمامية والحصين واللوزة الدماغية.

إذا كنت ترغب في إقناع شخص ما، يجب أن تحدث ثلاثة أمور في دماغه؛ فيجب على الحصين أن يعترف بك بصفتك شيئاً طبيعياً أو حتى شيئاً لطيفاً، ولا ينبغي أن تثير اللوزة الدماغية الإنذار؛ أي أن تجعله يتذكر تهديداً سابقاً أو مضايقة، وكذلك يجب أن تراه القشرة الأمامية "شيئاً طبيعياً".

لذا ما نحتاج إلى فعله هو جعل الآخرين يشعرون بالاسترخاء، فعندما يكونون مسترخين، يفتحون عقولهم للاستماع، والأمر الهام هو الحفاظ على الآخرين في قمة استرخائهم، فيبدو أنَّ دماغ جميع الأشخاص حول العالم متسلسل بنفس الطريقة، ولكنَّ خدعة الإقناع هي أن نكتشف ما هو الطبيعي بالنسبة إلى الآخرين؛ أي ماهية توقعات أدمغتهم.

سيحدث الإقناع إذا كان الشخص الذي يُقنِع قادراً على الاسترخاء وجعلنا نفتح أذهاننا له، ولتحقيق ذلك، يجب أن يفي بمتطلبات محددة؛ أي تقديم نفسه بطريقة يراها الحصين محفزاً طبيعياً/ لطيفاً وكذلك تراها القشرة الأمامية " شيئاً متوقعاً".

تعتمد التوقعات على تجارب أدمغتنا على المستوى الشخصي والتعليمي والثقافي؛ إذ سنوافق على اتباع شخص إذا ما استوفى معاييرنا المحددة ولم يكن الموضوع هاماً بالنسبة إلينا، فإذا كان لدينا مستوى عالٍ من المشاركة فيما يتعلق بالموضوع، فسنفكر فيه أولاً، ثم سنوافق أو نتفاوض.

بعبارة أخرى، يمكنك فقط أن تقنع شخصاً ما عندما يكون مسترخياً ومستعداً للاستماع لك؛ فتحتاج إلى تلبية التوقعات، ويجب على الحصين أن يعترف بك بصفتك محفزاً طبيعياً/ لطيفاً، ويجب أن تراك القشرة الأمامية "طبيعياً".

يمكن تحقيق الإقناع إما بشكل غير واعٍ (الاتباع) أو بشكل واعٍ (التفكير)، فعندما يكون الآخر مشاركاً بشكل كبير، يجب عليك الاستمرار في جعله يشعر بالاسترخاء لتجنب رد الفعل الهجومي أو الهروب أو البرود.

في الختام:

في ختام هذا المقال، نجد أنَّ الإقناع يمثل فناً وعلماً يمكن تعلُّمه واستيعابه لتحقيق النجاح في التفاعل مع الآخرين، وإنَّ فهم مبادئ الإقناع الستة المعترَف بها من قِبل علماء النفس، التي تتضمن المعاملة بالمثل، والندرة، والسلطة، والاتساق أو الالتزام، والبرهان الاجتماعي، والإعجاب، يشكل خطوة أساسية نحو بناء تأثير إيجابي.

يجب علينا أن نتذكر دائماً أنَّ الاستماع الفعال وبناء الاحترام المتبادل يسهمان في بناء قواعد إقناع الآخرين الناجح، إضافة إلى ذلك، تؤدي الاستفادة من مفهوم الاسترخاء لجعل الآخرين يشعرون بالراحة دوراً محورياً في تسهيل عملية الإقناع.

بهذا ننهي مقالنا عن "كيف أنجح في إقناع الآخرين؟"، داعين لاستمرار التعلم واستكشاف كيف يمكننا تحسين فنوننا في هذا المجال الهام؛ إذ يمكن للإقناع أن يكون قوة إيجابية تسهم في بناء العلاقات وتحقيق التأثير الإيجابي المستدام.