كيف تطبق ما تؤمن به؟

كيف تطبق ما تؤمن به؟
(اخر تعديل 2024-04-05 06:21:14 )
بواسطة

ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدونة "إرين فالكونر" (ERIN FALCONER)، وتُحدِّثنا فيه عن التناقض بين ما نؤمن به وما نمارسه.

أنا لستُ مختلفةً عن هؤلاء الناس، فلدي كثير من التناقضات بين ما أؤمن به وسلوكي، وأعتقد أنَّ أي شخص يقول خلاف ذلك فهو يكذب على نفسه.

إنَّ تحقيق التوافق بين ما نؤمن به وسلوكنا ليس أمراً سهلاً، وقد يكون من المستحيل القيام بذلك تماماً، ولكن حتى لو لم تتمكن من الهروب من تناقضات الحياة المعاصرة، يمكنك تقليل تأثيرها، ويمكنك التصرف حسب ما تعرف يقيناً أنَّه الصواب بدلاً من تبرير سلوكك والعيش في حالة من الكذب.

التنافر المعرفي:

التنافر المعرفي؛ هو مصطلح نفسي يُستخدم للدلالة على أمرٍ بسيطٍ للغاية، أي عندما يحمل الناس فكرتين متناقضتين، يتشوش تفكيرهم، مثل أن تقول: "أعتقد أنَّ الصحة هامة" و"لقد انتهيت للتو من تناول كيس من رقائق البطاطس".

لا يستطيع عقلك التعامل مع فكرة التناقض؛ لذلك يجب عليك أن تسلك أحد الاتجاهين:

فالأول؛ هو التبرير:

"أنا أستحق كيس رقائق البطاطس هذا، فقد كان يومي صعباً"، وهذا هو الخيار الأسهل ولكن له عواقب على الأمد الطويل.

قال عالم الحاسوب "إليازر يودكوفسكي" (Eliezer Yudkowsky): "إنَّ التبرير كلمة غريبة، فلا علاقة لها بالتفكير العقلاني، إنَّها مثل تسمية الكذب بـ "الصدق".

عندما تبدأ في تبرير قرارٍ ما، فإنَّك تتخذ طريقاً مختصراً قد يجعلك تشعر بتحسن، ولكن غالباً ما ينتهي بخيار سيئ.

الثاني؛ هو أن تدرك أنَّ إحدى الفكرتين خاطئة:

فإما أن يكون اعتقادك بأنَّ شيئاً ما صحيح وهو اعتقاد خاطئ، أو أنَّ سلوكك كان غير صحيح، وإما أنَّك لا تعتقد أنَّ الصحة هامة، أو يجب ألا تأكل كيس رقائق البطاطس هذا.

أعتقد أنَّ اختيار الخيار الثاني أصعب بكثير من التبرير، ولهذا السبب من الأسهل تبرير الخطأ بدلاً من استخدام هذا الخطأ لإجراء تغييرات.

شاهد بالفديو: 10 معتقدات إيجابية يجب أن تتبناها

الاعتراف بالحقيقة:

يمكنك حل كثير من الصراعات الشخصية بطرح سؤال بسيط: "ما هو الصواب؟"، وبناءً على خبرتك الشخصية ومعرفتك، اسأل نفسك عن الصواب، ثم أجب عن هذا السؤال قبل أن تفكر في سلوكك الحالي، وإذا شعرتَ أنَّ التدخين مضر لك، فيجب أن تدرك هذا أولاً، ويمكنك القلق بشأن عاداتك لاحقاً، فالخطوة الأولى لإصلاح التناقض هي الاعتراف بمعتقداتك الحالية.

من الهام أن تعرف الصواب حتى لو لم تكن قادراً على تغيير وضعك، وقد تكره وظيفتك الحالية، لكنَّ وضعك المالي لا يسمح لك بتركها، ومن الأفضل أن تعرف حقيقة موقفك بدلاً من أن تكذب على نفسك باستمرار بقولك: إنَّ وظيفتك ليست سيئة إلى هذا الحد أو إنَّ جميع الوظائف مقيتة.

قد يكون حل التناقضات أمراً صعباً؛ لأنَّ معظم الناس لا يريدون ردم الهوة بين سلوكاتهم ومعتقداتهم؛ لذلك إذا لم يتمكنوا من تغيير سلوكهم فإنَّهم يضحون بمعتقداتهم ويكذبون على أنفسهم بشأن ما يعرفون أنَّه صحيح، وهذا هو السبب في أهمية فصل خطوة الاعتراف بالحقيقة عن خطوة تغيير السلوك.

تغيير السلوك والعادات:

بعد أن تقرَّ يقيناً أنَّ ما تعرفه هو الصواب، يمكنك البدء في عملية تغيير سلوكك، وهذا الأمر ليس سهلاً، فقد يكون تغيير العادات أمراً صعباً، ولا سيما عندما تكون هذه العادة مرتبطة بجزءٍ كبير من حياتك.

قد يكون من الصعب إصلاح المواقف التي تستند إلى أمور أكثر من مجرد السلوك، والوظيفة ليست مجرد عادة؛ وإنَّما هي التزام مالي يصعب التخلي عنه، تحديداً إذا لم تكن لديك الموارد اللازمة للقيام بذلك، ومع ذلك تصبح ممارسة ما تعتقده أسهل إذا اعترفت أولاً بحقيقة الموقف، وإذا تمكنتَ من إدراك الحقيقة، فستتمكَّن من تعديل سلوكك وحياتك لتتوافق معها، حتى لو كان ذلك صعباً في البداية.

البدء بخطوات صغيرة:

لقد غيرتُ نظامي الغذائي إلى نظام نباتي منذ ثلاثِ سنوات بعد قراءة كتاب "دراسة الصين" (The China Study) وكتب مماثلة تؤكد الفوائد الصحية والبيئية للنظام النباتي، وقبل أن أُجرِي هذا التغيير، كنت أتناول كثيراً من اللحوم، وبمجرد أن أدركتُ أنَّ التوقف عن تناولها أكثر صحةً، وبأنَّ الصحة كانت هامة بالنسبة إليَّ، لم أتغير على الفور بالتأكيد، وإنَّما استغرق الأمر وقتاً لتغيير سلوكاتي وعاداتي وتطبيق ما شعرتُ أنَّه عين الصواب.

حدث نفس الأمر معي عندما عَلمتُ لأول مرة عن إدارة الأعمال التجارية عبر الإنترنت، ولم أغير مباشرةً جميع خططي وبدأتُ في بناءِ مشروعٍ تجاري؛ وإنَّما استغرق الأمر وقتاً وصبراً لتغيير أهدافي، ووقتاً أطول للنجاح.

في الختام:

أعتقد أنَّ أهم خطوة لحل مشكلة التناقضات؛ هي الاعتراف بوجودها، فمعظم الناس يضعون تبريرات حتى لا تكون لديهم فجوة بين السلوك والحقيقة، ولكن فقط الأشخاص الذين لديهم فجوات ويعترفون بها، هم الأشخاص الذين يمكنهم النمو والتحسن.