متلازمة جوسكا: أعراضها وتأثيراتها على الصحة

متلازمة جوسكا: أعراضها وتأثيراتها على الصحة
(اخر تعديل 2024-04-07 06:28:16 )
بواسطة

تعريف متلازمة جوسكا:

تعبِّر عاطفة جوسكا عن الحديث الذاتي أو حديث الشخص مع ذاته واختراع حوار كامل وطويل، ويكون هذا الحوار بصوتٍ مسموع أو بحوار الفرد داخل عقله، وكما ذكرنا آنفاً تُعَدُّ هذه العاطفة أمراً طبيعياً واعتيادياً، لكن أحياناً يمكن أن تسبب اضطراباً نفسياً أو مرضاً يسمى بمتلازمة جوسكا الذي يؤثر سلباً في الفرد وحياته، ومن ثمَّ يتطلب العلاج فوراً.

تُعَدُّ عاطفة جوسكا جيدة أحياناً؛ لأنَّها تفيد في ابتعاد الفرد عن الأخطاء وتجنُّب الوقوع بها، ومن ثمَّ الحصول على نتيجة ممتازة بالنسبة إلى أي موقف أو أي حدث هام في حياته، فضلاً عن أنَّها قد تعطي للشخص القدرة على التفاعل بشكل سريع مع أي موقف يتعرض له مستقبلاً؛ وذلك لأنَّ الفرد عندما يفكر سابقاً بالطريقة التي يجيب فيها عن سؤال محدد أو كيفية التعامل مع موقف معين سيتعرض له في المستقبل، فهو سيعرف كيف يتصرف في الموقف بالطريقة الأفضل، ومن ثمَّ سيتخطى أي مخاطر يقع بها.

أصل كلمة جوسكا:

تعود كلمة جوسكا لأصل بولندي، وهي تعني الحوارات القهرية التي تحدث في أذهاننا عندما نفكر بشيء ما؛ من خلال إقامة السيناريوهات المتعلقة بحدث معين وتوقُّع ما سيحدث في نهاية الأمر، وفي غالب الأحيان يدور بذهن الفرد حوار يفوز به في آخر المطاف لوضعه الحجج الصحيحة، وهي تبدأ في بداية الأمر بوصفها عاطفة موجودة عند جميع الناس لتتطور وتصبح مرضاً خطيراً يجب علاجه فوراً؛ إذ تُعَدُّ الأمراض النفسية من أشد الأمراض وأصعبها على الإنسان.

أعراض متلازمة جوسكا:

بعد أن تعرفنا إلى متلازمة جوسكا ووضحنا لكم ما هي، سننتقل للتعرف إلى أعراض هذه المتلازمة وكيف يصاب الفرد بها؛ لذلك دعونا نتعرف معاً إلى هذه الأعراض:

  • الانعزال والانطوائية؛ إذ يبتعد المصاب بمتلازمة جوسكا عن المناسبات العائلية ويتجنب الجو الأسري بشكل مبالغ فيه وغير مبرر.
  • إهمال الشخص المصاب بهذه المتلازمة لنفسه وعمله وواجباته اليومية بسبب فقدان الشغف والاهتمام في جميع الأشياء.
  • شرود المصاب بمتلازمة جوسكا في أثناء الحديث معه وانشغاله بأفكار أخرى تدور في عقله.
  • انغلاق المصاب على ذاته وعدم مشاركة مشكلاته مع الآخرين؛ إذ يقوم المصاب بمتلازمة جوسكا بإنشاء عالم افتراضي داخل عقله، فيجري حواراً كاملاً ونقاشات مع أشخاص افتراضيين تستمر لساعات طويلة.
  • النظرة السوداوية للأمور؛ إذ تكون لدى المصاب نظرة تشاؤمية للحياة، فيتحدث مع نفسه بطرائق سلبية.
  • القلق والتفكير الدائم الذي يؤدي إلى اضطرابات النوم وعدم القدرة على التركيز.
  • الشخص المصاب بمتلازمة جوسكا يدقق في كافة التفاصيل الصغيرة بشكل مبالغ فيه وبصورةٍ مرضية.
  • في حال عدم الانتباه إلى ظاهرة جوسكا ومعالجتها، تصبح الأعراض أكثر خطورة مثل الأعراض الجسدية، وهي مثلاً انعدام الشهية وشحوب الوجه.
  • كثرة الانفعالات العصبية والضغط النفسي والتوتر الزائد عن حده الذي يؤدي إلى الجنون وأحياناً إلىهستيريا.
  • احتمالية الإصابة ببعض الأمراض القلبية مثل ضغط الدم المرتفع وداء السكري.
  • فقدان الشغف تجاه جميع الأشياء.
  • شاهد بالفديو: ما هو علاج العزلة الاجتماعية؟

    مضاعفات متلازمة جوسكا:

    إنَّ إهمال المريض وعدم الاهتمام به قد يؤدي إلى تفاقم أعراض المتلازمة، وقد تحصل معه مضاعفات نتيجة تطور المرض، وهي:

  • اضطرابات النوم.
  • العصبية والتوتر الشديدين.
  • الجنون.
  • انعدام الشهية.
  • الإصابة بمرض السكري غالباً.
  • أسباب متلازمة جوسكا:

    على الرغم من أنَّ متلازمة جوسكا أمر طبيعي واعتيادي، لكن في بعض الأحيان تكون لها أسباب فعلية منها الوراثي ومنها السبب المكتسَب من البيئة، لذلك سنتعرف إلى أهم الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بمتلازمة جوسكا:

  • اضطراب الجو الأسري الذي يثير جواً من عدم الأمان، فلا يستطيع الشخص المصاب البوح عن مكنوناته ومشاعره الداخلية التي يشعر بها، فهو يعيش الكتمان وليس لديه القدرة على التعبير ومشاركة مشاعره مع من حوله.
  • شعور الشخص بالعجز والضعف تجاه المشكلات التي تواجهه وعدم قدرته على حلها.
  • فقدان الدعم الاجتماعي خاصةً من قِبل الأهل والمقربين، فيتولد لدى الشخص شعور بعدم وجوده في دائرة من الدعم والحماية الكافيين،وهذا الأمر يؤدي إلى الخوف والانعزال.
  • الخذلان؛ إذ إنَّ الشخص الذي تعرَّض لخذلان من أشخاص كان يثق بهم واضعاً آمالاً كبيرة معهم يؤدي إلى تخبُّط المشاعر والدخول بحالة حزن قد تصل إلى الاكتئاب، ومن ثمَّ انطواء الشخص على ذاته، وهي حالة تحدث في غالب الأحيان مع الفئة العمرية من الشباب.
  • الصدمات العاطفية؛ إذ إنَّ الصدمات العاطفية القوية مثل الخيانة وغيرها تُعَدُّ من الأسباب القوية التي تؤدي بالشخص إلى البعد عن العالم الخارجي وعدم الاختلاط مع الناس متجنباً آراء الناس وكلامهم.
  • الأسباب الوراثية؛ إذ يؤدي العامل الوراثي دوراً هاماً في ظهور متلازمة جوسكا لدى بعض العائلات دون غيرها.
  • الأمراض العقلية أو العضوية قد تكون سبباً في ظهور متلازمة جوسكا، فيبتعد الشخص المصاب عن الناس خوفاً من مواجهتهم بسبب شعوره بالنقص، وهذا الأمر الذي يؤدي إلى انعزاله تماماً عن واقعه الحقيقي واللجوء إلى عالم افتراضي يستمتع به.
  • علاج متلازمة جوسكا:

    يرى غالبية الناس أنَّه لا داعي لعلاج متلازمة جوسكا، وأنَّها أمر طبيعي واعتيادي، لكن في بعض الأحيان وبسبب إهمال الحالة قد تتطور وتؤدي إلى نتائج خطيرة على الفرد وحياته، لذلك سنقدِّم لكم أهم طرائق علاج هذه المتلازمة:

  • لنتفق معاً أنَّ علاج هذه الحالة لا يعتمد على الأدوية؛ وإنَّما يعتمد العلاج بالغالب على العلاج السلوكي والنفسي.
  • العلاج النفسي والسلوكي تحت إشراف طبيب نفسي مختص ولديه خبرة لمثل هذه الحالات؛ إذ يُعَدُّ هذا المرض حالة حساسة يجب التعامل معها بحذر.
  • الالتزام بالأدوية التي يصفها الطبيب.
  • الدعم النفسي والمعنوي من الأهل والأسرة.
  • اقتناع المريض بمرضه ومواجهته.
  • محاولة التفاعل مع المجتمع والانخراط به.
  • ملء أوقات الفراغ، وذلك من خلال التطوع في الأعمال الخيرية مثلاً أو بنشاطات مختلفة مثل الرياضة لتحقيق الانخراط في المجتمع.
  • زيادة الثقة بالنفس، وذلك من خلال المعالج النفسي الذي يعمل على تغيير روتين المريض وزيادة تفاعله مع محيطه، وإزالة أفكاره السلبية واستبدالها بالأفكار الإيجابية.
  • الوقاية من المتلازمة:

    حتى نحقق الوقاية من متلازمة جوسكا، لا بد من تجنب ما يسبب تلك المتلازمة، لذلك تتمثل أساليب الوقاية منها بـ:

  • الابتعاد وتجنب كل مسببات القلق والتوتر.
  • الابتعاد عن الأفكار السلبية وتغذية العقل بالأفكار الإيجابية.
  • الانخراط في المجتمع بقدر الإمكان والتواصل مع الناس.
  • ممارسة النشاطات المختلفة وتدوين الأفكار للتخلص من كل المشاعر والأفكار السوداوية السيئة.
  • متلازمة جوسكا بين السلب والإيجاب:

    إنَّ متلازمة الحوار الذاتي أو التحدث مع النفس والمعروفة باسم جوسكا هي عبارة عن عاطفة موجودة عند جميع البشر، وهي تُعَدُّ مفيدة للعقل البشري من خلال تنشيط الذاكرة، لذلك لها تأثير جيد في الفرد من خلال إقامة محادثة إيجابية من صنع عقلك مرة تلو الأخرى، فهي تبعدك عن الوقوع في الخطأ والحصول على نتائج أفضل، وأيضاً قد تعطيك القدرة على التعامل مع الموقف في المستقبل والاستجابة على الفور للنتائج.

    من جهة أخرى، فإنَّ الحديث الذاتي السلبي والزائد عن حده من خلال إقامة حوارات طويلة جداً يجعل الفرد يشعر بالندم بشكل كبير على موقف حصل معه، فيبدأ بالتفكير بأسوأ الاحتمالات التي قد تحصل وأسوأ السيناريوهات للموقف، لذلك هذه الأفكار تؤخر من تقدُّم الموقف وحلِّه بالطريقة الأنسب، فبدلاً من إيجاد الطريقة الأفضل للمحادثة والأنسب، يذهب الفرد نحو إيجاد طريقة للتغلب على أسوأ احتمال الذي هو وضعه في ذهنه.

    ينشأ هذا السلوك بسبب التوتر الشديد والقلق تجاه المستقبل، وهو ما يجعل من كل شيء معقداً ومتوتراً بشأن النتائج السوداوية التي يفكر بها، والتي هي من صنع الخيال من خلال التفكير الزائد والحوار الذاتي مع النفس.

    في الختام:

    يُعَدُّ الحديث مع الذات أمراً طبيعياً ومفيداً في كثير من الأحيان إن كان ضمن الحد المعتاد، لكن إن زاد عن حده، فقد يصبح مرضاً وبدايةً لمتلازمة جوسكا.