سلوك إيذاء النفس عند الأطفال

سلوك إيذاء النفس عند الأطفال
(اخر تعديل 2024-04-06 06:00:19 )
بواسطة

يدركون حينها أنَّ طفلهم يحتاج إلى مساعدة فورية، لكن معظمهم ليس لديهم أي فكرة من أين يبدؤون؛ لذا عندما يخبر الآباء طبيب الأطفال عن مخاوفهم بشأن إيذاء النفس؛ فإنَّ ذلك يوفر الفرصة للتحدث بصراحة عن حالة طفلهم، والعمل على إيجاد الحلول معاً، وفيما يأتي بعض الأفكار التي تعالج المخاوف والمفاهيم الخاطئة الشائعة، إلى جانب الطرائق التي يمكنك من خلالها دعم طفلك.

ما هو سلوك إيذاء النفس؟

يحدث إيذاء النفس - المعروف أيضاً بتشويه الذات أو إساءة معاملة الذات - عندما يقوم الأشخاص بإيذاء أنفسهم عمداً دون نية قتل أنفسهم وغالباً ما يشير الخبراء الطبيون إلى عمليات القطع والأشكال الأخرى من إيذاء النفس على أنَّها إيذاء ذاتي غير انتحاري، أو NSSI.

ما هي أشكال سلوك إيذاء النفس؟

عادةً ما يتضمن سلوك إيذاء النفس ما يأتي:

  • القطع والخدوش والحروق.
  • نتف الشعر، وضرب الرأس.
  • السيطرة على أنماط الأكل.
  • ابتلاع الأشياء الضارة مثل شفرات الحلاقة.
  • تعاطي الكحول والمخدرات، أو الأدوية.

بعض الإصابات الناجمة عن إيذاء النفس قد تحتاج إلى عناية طبية.

علامات إيذاء النفس عند الأطفال والمراهقين:

قد يكون من الصعب التعرف إلى علامات إيذاء النفس لدى الأطفال والمراهقين، ولكن أنت بصفتك والداً من الهام أن تثق في غرائزك إذا كنت قلقاً من حدوث خطب ما، ويمكن أن تشمل العلامات التي يجب البحث عنها ما يأتي:

  • التستر، على سبيل المثال كارتداء الأكمام الطويلة في كثير من الأوقات، وبخاصة في فصل الصيف.
  • كدمات أو جروح أو حروق أو علامات عض غير مبررة على الجسم.
  • بقع الدم على الملابس، أو العثور على مناديل ملوثة بالدماء في غرفهم.
  • لديهم سكاكين أو شفرات حلاقة (أو قد تفقد من مطبخك إحداها).
  • ينسحبون ويقضون كثيراً من الوقت وحدهم في غرفتهم.
  • تجنب الأصدقاء والعائلة والحضور في المنزل.
  • الشعور بالإحباط أو تدني احترام الذات أو لوم النفس.
  • نوبات من الغضب، أو سلوك محفوف بالمخاطر، مثل شرب الخمر أو تعاطي المخدرات.

لماذا يؤذي الأطفال أنفسهم؟

قد يبدو الأمر سلبياً ومدمراً للذات أن تؤذي جسدك أو تجرحه، وبالنسبة إلى بعض الأطفال والشباب يعدُّ هذا وسيلة للتكيف، قد يبدو إيذاء النفس: هو الطريقة الوحيدة للتعامل مع المشاعر المؤلمة أو غير المحتملة والتخلص منها، وقد يجعل طفلك يشعر بالتحسن حتى ولو لفترة قصيرة، وقد يكون هذا أحد المجالات التي يشعر بالقدرة على التحكم فيها في حياته.

غالباً ما يتحدث الشباب الذين يؤذون أنفسهم عن مشاعر مثل الخوف، والشعور بالذنب، والغضب، والعار، والعجز، وكراهية الذات، وقد يجدون صعوبة في التعامل مع أفكارهم ومشاعرهم.

يؤثر إيذاء النفس في الأطفال والشباب في جميع أنحاء المجتمع، حتى أولئك الذين يعيشون في منازل مستقرة وسعيدة، ويبدو أنَّهم يملكون كل شيء.

تشمل بعض أسباب إيذاء النفس:

  • التوتر والقلق وقضايا الصحة العقلية.
  • التنمر.
  • الضغوطات والتوقعات الاجتماعية، مثل المظهر وصورة الجسم الهوية والعلاقات.
  • وفاة أحد الوالدين أو شخص قريب.
  • انفصال الوالدين أو طلاقهما.
  • التعرض لضغوطات، على سبيل المثال، الامتحانات.

في حين أنَّ هناك العديد من الأسباب التي تدفع الشباب إلى إيذاء أنفسهم، إلا أنَّهم في كثير من الأحيان لا يعرفون بالضبط سبب قيامهم بذلك أو لا يكونون قادرين على التعبير عنه بالكلمات، وكل ما يعرفونه هو أنَّ ذلك يجعلهم يشعرون بالتحسن.

إحدى أكبر الخرافات عن إيذاء النفس هي السعي إلى جذب الانتباه، وهذا خطأ تماماً؛ إذ سيبذل معظم الشباب جهوداً كبيرة لإبقائها مخفية وسرية، ويمكن للشباب الذين يؤذون أنفسهم أن يشعروا بكثير من العار، ومن المحتمل أن يؤدي اكتشاف أنَّ طفلك يؤذي نفسه إلى شعورك بقدر كبير من المشاعر المتضاربة كالصدمة، أو الذنب، أو الغضب، أو الاشمئزاز، أو الذعر، أو عدم التصديق، أو العجز، وإذا استطعت حاول ألا تبالغ في رد فعلك أو تظهر الغضب أو تزيد من مشاعر الخجل والذنب؛ فهو أمر صعب حقاً، ولكن حاول أن تفهم الأسباب التي تدفع طفلك إلى إيذاء نفسه وليس السلوك فقط، وطفلك يتألم وبالطبع تريد أن تجعله أفضل.

على الرغم من أنَّ الأمر يستهلك كل ذرة من قوتك وهو الشيء الوحيد الذي تريد قوله، فلا تطلب منهم التوقف؛ لأنَّهم لن يفعلوا ذلك حتى يصبحوا مستعدين لذلك، وقد يكون هذا أحد الأشياء القليلة في حياتهم التي يشعرون بالقدرة على التحكم فيها، فإذا طلبت منهم التوقف بالفعل، فلا تقلق؛ فهذا لا يعني ضياع فرصة دعم طفلك، يمكنك العودة، فكن صادقاً وحاول مرة أخرى.

شاهد بالفديو: قواعد هامة في تربية الطفل الوحيد

كيف تمنع سلوك إيذاء النفس؟

الخطوة الأولى في معالجة إيذاء النفس هي تثقيف الوالدين، وعند اكتشاف أنَّ ابنهم المراهق يؤذي نفسه، قد يشعر الآباء بقلق عميق ويتساءلون عما إذا كان طفلهم يفكر في الانتحار، ومن الهام أن تعرف أنَّ إيذاء النفس والانتحار هما اهتمامان مختلفان ولا يعني أحدهما دائماً أنَّ الآخر سيحدث.

من المفهوم أنَّ معظم الآباء يريدون أن يفهموا سبب قيام ابنهم أو ابنتهم بإيذاء أنفسهم؛ إذ قد يقوم الأطفال والمراهقون بإيذاء أنفسهم لعدد من الأسباب، وفيما يأتي ثلاثة أسباب شائعة تؤدي إلى إيذاء النفس:

1. التواصل:

قد يحاول المراهق أن يخبر الآخرين بأنَّه يعاني من ألم عاطفي، وفي هذه الحالة، قد تكون الجروح على الرسغين أو غيرها من المناطق المرئية وقد لا يحاول الفرد إخفاءها.

2. الانتماء:

إنَّ الانخراط في إيذاء النفس قد يمنح الأفراد شعوراً بالانتماء إذا كانوا يقضون وقتاً مع أقرانهم الذين يؤذون أنفسهم أيضاً، على سبيل المثال، قد يتحدث الأفراد الذين يبحثون عن الشعور بالانتماء من خلال إيذاء أنفسهم، وقد يلتقطون صوراً لجروحهم ويشاركونها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقد يمنح هذا الاهتمام المشترك المراهقين شعوراً بالانتماء والقبول الذي قد يكون جذاباً.

3. الألم العاطفي:

قد يقوم بعضهم بإيذاء أنفسهم لإدارة الألم العاطفي.

وجدت الأبحاث أنَّ المراهقين الذين يؤذون أنفسهم للتحكم في الألم العاطفي يقولون إنَّهم يشعرون بتحسن بعد إيذاء أنفسهم، وأولئك الذين يؤذون أنفسهم قد يخفون الأمر لعدة أشهر قبل اكتشافه وغالباً لا يريدون أن يعرف بهم الآخرون.

تشير الأمثلة المذكورة آنفاً إلى أنَّ إيذاء النفس غالباً ما يتم الحفاظ عليه من خلال استجابات الآخرين أو بسبب نقص المهارات في إدارة العواطف؛ ولذلك يمكن علاج إيذاء النفس بطريقة تعديل الاستجابات وتعليم المهارات اللازمة لإدارة العواطف بشكل أفضل.

كيف تتحدث مع طفلك عن إيذاء نفسه؟

1. المناقشات المفتوحة:

قد يكون من الصعب مناقشة إيذاء النفس، لذا يجب على الآباء محاولة الحد من المحاضرات أو الأسئلة، والحفاظ على نبرة صوت محايدة، وفي حين أنَّ الآباء قد يشعرون بمشاعر قوية، فإنَّ التعبير عن هذه المشاعر للمراهقين قد يكون أمراً مربكاً، وقد يحد من مدى استعدادهم لمواصلة المحادثة.

2. المحافظة على اتساق الإجراءات الروتينية:

قد يكون من المفيد تقليل التوقعات أو المتطلبات أو التعليمات بعد أن تكتشف أنَّ ابنك المراهق يؤذي نفسه، ومن الهام الحفاظ على الإجراءات والقواعد والتوقعات النموذجية.

إنَّ السماح لطفلك بامتيازات خاصة قد يعلمه عن غير قصد أنَّ إيذاء النفس هو استراتيجية فعَّالة للوصول إلى الرغبات أو تجنب القواعد والتوقعات، لذا يساعد الحفاظ على اتساق الروتين والتوقعات على تقليل احتمالية حدوث ذلك، ويوضح أنَّك تعتقد أنَّ ابنك المراهق يمكنه تحقيق التوقعات والتغلب على خيبة الأمل.

3. تجنُّب الحديث عن الانتحار:

في أثناء التحدث مع طفلك، من الهام تجنب مصطلحات الانتحار أو الافتراض بأنَّ لديه أفكار انتحارية، فالتركيز على الانتحار قد يتعارض مع حل المشكلات، ومع ذلك، فأنت تريد التأكد من أنَّ ابنك المراهق آمن، وإذا كانت لديك أية مخاوف من أنَّه قد يلحق ضرراً جسيماً بنفسه؛ فيجب عليك اصطحابه إلى مختص.

شاهد بالفديو: 10 طرق لتعزيز ثقة الطفل بنفسه

هل إيذاء النفس تشخيص؟

إنَّ إيذاء النفس ليس تشخيصاً في حد ذاته، وغالباً ما يتم تشخيص الأشخاص الذين ينخرطون في إيذاء أنفسهم باضطرابات المزاج، واضطرابات الأكل، واضطرابات الشخصية، أو اضطرابات القلق.

كثيرون ممن يؤذون أنفسهم لا يعانون من اضطراب يمكن تشخيصه على الإطلاق، وأفاد ما بين 14% و24% من الأطفال والشباب في المجتمع عن تورطهم في إيذاء أنفسهم مرة واحدة على الأقل في حياتهم.

هل إيذاء النفس هو نفسه السلوك الانتحاري؟

إيذاء النفس ليس محاولة لقتل النفس، وحتى إنَّ بعض الأشخاص الذين يؤذون أنفسهم يقولون إنَّهم يفعلون ذلك؛ لمنع أنفسهم من التصرف بناءً على أفكار لقتل أنفسهم.

على الرغم من أنَّ إيذاء النفس والسلوك الانتحاري مختلفان تماماً، إلا أنَّ معظم الأفراد الذين يؤذون أنفسهم قد تكون لديهم مشاعر انتحارية أيضاً.

من هو المرجح أن يؤذي نفسه؟

الشباب الذين يكافحون للتعامل مع المشاعر السلبية أو التحدث عن مشكلاتهم يكونون أكثر عرضة لإيذاء أنفسهم.

تشمل عوامل الخطر الأخرى: عدم وجود مهارات تأقلم صحية، أو وجود حالة صحية عقلية، أو الاستبعاد أو التمييز ضد الأقران، ومعرفة شخص يؤذي نفسه هي أسطورة شائعة مفادها أنَّ الإناث فقط هنَّ من يلحقن الأذى بأنفسهن، ولكن في الواقع، لدى الإناث والذكور خطر مماثل لإيذاء النفس.

إذا تُرِكَ سلوك إيذاء النفس دون علاج، ما الذي قد يؤدي إليه؟

على الرغم من أنَّ إيذاء النفس يختلف عن السلوك الانتحاري، إلا أنَّه ما يزال مثيراً للقلق؛ لأنَّه يزيد من خطر الانتحار.

يتيح إيذاء النفس للشخص أن يعتاد على إتلاف جسده للتعامل مع المشاعر أو المواقف المؤلمة، ومع مرور الوقت؛ يمكن أن يؤدي إيذاء النفس إلى زيادة مشاعر الخجل وعدم القيمة، والتي تعد أيضاً عوامل خطر الانتحار.

في الختام:

إيذاء النفس لا يعني أنَّ طفلك أو مراهقك يريد الموت، ولا يجعلك والداً سيئاً، وكما هو الحال مع أي مشكلة صحية؛ يمكنك مساعدة طفلك على التعافي من خلال التعبير عن الأمل، وتقبل العلاج، والتأكد من شعوره بدعمك وحبك غير المشروط.