حديث عن العلم

حديث عن العلم
(اخر تعديل 2024-04-08 06:14:14 )
بواسطة

تابعَت السنة النبوية الشريفة المتمثلة في أحاديث خاتم الأنبياء والمرسلين مسيرة التشجيع على العلم والتعلم، وفي هذا المقال سوف نتوقف في هذه المحطة تحديداً، وسوف نتناول كل حديث عن العلم قاله النبي محمد صلوات الله عليه وسلامه، ونشرح معانيه ومدلولاته القيمة.

حديث عن فضل العلم في الإسلام:

ورد في السنة النبوية الشريفة كثيراً من الأحاديث عن العلم، وفيما يأتي أكثر من حديث عن فضل العلم قاله نبينا الأكرم ليوضح لنا أهمية العلم ومكانته الرفيعة في الدين الإسلامي، ونذكر من أحاديثه عن فضل العلم ما يأتي:

  • عَنْ أنسٍ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَن خرَج في طَلَبِ العِلمِ، كان في سَبيلِ اللَّهِ حَتَّى يرجِعَ". رواهُ الترْمِذي.

معنى الحديث: أنَّ الله تعالى يُيسِّرُ الأمورَ لمن يُريدُ طلبَ العلمِ، ويُسهِّلُ لهُ طريقَ الدخولِ إلى الجنةِ، وهذا الحديث عن فضل العلم في الإسلام يحمل في طيَّاته حثَّاً على طلبِ العلمِ، وبياناً لفضلِ العلمِ ومكانتهِ، وتأكيداً على أنَّ العلمَ سببٌ لدخولِ الجنةِ.

  • عَنْ أَبي أُمَامة أنَّ رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "فضْلُ الْعالِم عَلَى الْعابِدِ كَفَضْلي عَلَى أَدْنَاكُمْ ثُمَّ قَالَ: رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللَّه وملائِكَتَهُ وأَهْلَ السَّماواتِ والأرضِ حتَّى النَّمْلَةَ في جُحْرِهَا وَحَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلى مُعلِّمِي النَّاسِ الخَيْر". رواهُ الترمذي.

معنى هذا الحديث المصنف بأنَّه حديث شريف عن العلم: أنَّ الفضل الذي يقدمه العالم للعابد كبير بحجم الفضل الذي يقدمه النبي محمد صلى الله عليه وسلم على أدنى المسلمين من علم ومعرفة وإرشاد إلى طريق الهدى والصواب، واستكمل النبي قائلاً إنَّ الله سبحانه وتعالى وملائكته وسكان سماواته وأرضه من أصغرهم كالنملة حتى أعظمهم أي الحوت؛ يدعون الله تعالى لأجل معلمي الخير للناس.

أحاديث عن العلم:

لقد ذكرنا أنَّه وردت في السنة النبوية الشريف كثيراً من الأحاديث عن العلم، ولقد قال النبي أكثر من حديث عن العلم لأمر مفاده تعزيز أهمية العلم والتأكيد عليها، ولم يكن تكراره عليه الصلاة والسلام للأحاديث عن العلم والحديث عن فضل العلم عبثياً بغير هدف.

  • لقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله له طريقاً إلى الجنة".
  • روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب".
  • روى أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "العلم نورٌ، ونوره الله على من يشاء".
  • روى ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمٌ، اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا".

هذه بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي تُؤكِّدُ على فضلِ العلمِ وأهميتِهِ في الإسلامِ، فالعلمُ بشقَّيه الديني والدنيوي نورٌ يُنيرُ دروبَ الحياةِ، ومفتاحٌ تُفتَحُ بهِ أبوابُ التقدمِ والازدهارِ، وقد حثَّ الإسلامُ على طلبِ العلمِ في جميعِ المجالاتِ، سواء كانتْ دينيةً أم دنيويةً وفي جميع أصقاع الأرض، فالعلمُ الديني يُساعدُ المسلمَ على فهمِ دينِهِ وأداءِ عباداتِهِ على أكملِ وجهٍ، أما العلمُ الدنيوي، فهو يُساهمُ في تقدُّمِ المجتمعِ وازدهارِهِ.

شاهد بالفديو: أهميّة طلب العلم

حديث عن العلم قصير:

لقد ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أكثر من حديث عن العلم قصير، وهذا الأمر لم يكن عبثياً أيضاً، ولعل الحكمة من وراء قول النبي لكل حديث عن العلم قصير هو سهولة حفظه وتداوله بين الناس، فيذهب كالمثل بينهم، ويتم تناقله على الألسنة من جيل إلى جيل، فتتوارث الأجيال الاهتمام بالعلم والتعلم، ومهمة السعي إلى نيل العلوم في كل زمان ومكان، ولعل أشهر حديث عن العلم قصير هو:

  • "اطلبوا العلم ولو في الصين"، وعن هذا الحديث تحديداً تتضارب الآراء، ويجمع كثير من الفقهاء والمختصين أنَّ هذا الحديث موضوع وليس صحيحاً، ولكن الناس اخترعوه وتداولوه كناية عن ضرورة طلب العلم وأهمية الحصول عليه ولو كان في أقصى بقاع الأرض وأبعدها أي في الصين.
  • ثمة أيضاً حديث عن العلم قصير مشكوك في صحته وهو: "اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد" والذي أيضاً ترى وجهات نظر كثيرة أنَّه باطل، وتؤكد وجهات نظر أخرى صحته ودلالته على أنَّ طلب العلم ليس محصوراً بفئة عمرية محددة، وليس منوطاً بالكبار أو الصغار، بل هو متاح للجميع ومتاح للإنسان في جميع مراحل حياته من ولادته حتى مماته، بل وإنه واجب عليه.
  • أيضاً "طلب العلم فريضة على كل مسلم"، يعد حديثاً عن طلب العلم قصير، ولكنَّه في الحقيقة حديث عن العلم مجتزأ من حديث أطول هو: حدَّثنا هشام بن عمار حدَّثنا حفص بن سليمان البزاز قال: حدَّثنا كثير بن شنظير عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم، وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب).

في هذا الحديث عن العلم قول فصل عن وجوب البحث عن العلم على كل مسلم، فهو مفروض كما فُرِضَت الصلوات والعبادات، وفي تتمة الحديث تتضح لنا أهمية وضع العلم في عقول تقدره وتحفظ قيمته، فتزدان به، وإلا فإنَّ تحصيله ووهبه لمن لا يقدِّر قيمته وأهميته سيكون بمنزلة تقليد الخنازير عقوداً من اللآلئ والذهب، فلا هو سيزينها ولا هي ستتجمل به.

أحاديث عن طلب العلم:

في استكمال مقالنا أحاديث عن طلب العلم سوف نورد لكم فيما يأتي مجموعة من أقوال نبينا الأكرم عن العلم المدونة بوصفها أحاديث عن طلب العلم مع شرح لكل منها:

  • حدَّثنا هشام بن عمار حدَّثنا صدقة بن خالد حدَّثنا عثمان بن أبي عاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بهذا العلم قبل أن يقبض، وقبضه أن يرفع، وجمع بين إصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام هكذا، ثم قال: العالم والمتعلم شريكان في الأجر، ولا خير في سائر الناس".

هذا حديث شريف عن العلم معناه بمجمله الحث على طلب العلم قبل أن يموت العلماء وتنتهي بذلك طرائق نقل المعرفة إلى المتعلمين، ويستدرك نبينا الأكرم بمساواة العالم والمتعلم بكونهما شريكين في الأجر والثواب، فنقل العلم له ثواب يعادل ثواب تلقيه.

  • حدَّثنا أحمد بن عيسى المصري حدَّثنا عبد الله بن وهب عن يحيى بن أيوب عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من علَّم علماً فله أجر من عمل به، لا ينقص من أجر العامل".

في هذا الحديث عن العلم نعي أنَّ مَن علَّم علماً فإنَّ له أجر الشخص الذي عمل به، ولأنَّ العمل نوع من أنواع العبادات التي يثاب عليها المرء، فإنَّ تعليم العمل له أجر يعادل أجر القيام به.

  • حدَّثنا يعقوب بن حميد بن كاسب المدني حدَّثني إسحاق بن إبراهيم عن صفوان بن سليم عن عبيد الله بن طلحة عن الحسن البصري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفضل الصدقة أن يتعلم المرء المسلم علماً، ثم يعلمه أخاه المسلم".

معنى هذا الحديث أنَّ تناقل العلوم بين المسلمين هو نوع من الصدقات، وحسب الحديث الشريف هو أفضل نوع من أنواع الصدقات التي يثاب عليها الإنسان.

  • حدَّثنا عبد الله بن عامر بن زرارة حدَّثنا المعلى بن هلال عن إسماعيل قال: دخلنا على الحسن نعوده حتى ملأنا البيت، فقبض رجليه، ثم قال: دخلنا على أبي هريرة رضي الله عنه نعوده حتى ملأنا البيت، فقبض رجليه، ثم قال: (دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ملأنا البيت، وهو مضطجع لجنبه، فلما رآنا قبض رجليه، ثم قال: "إنَّه سيأتيكم أقوام من بعدي يطلبون العلم فرحبوا بهم وحيوهم وعلموهم"، قال: فأدركنا والله أقواماً ما رحبوا بنا ولا حيونا ولا علمونا، إلا بعد أن كنا نذهب إليهم فيجفونا.

في هذا الحديث تأكيد على أهمية احترام المعلم للمتعلمين، فالنبي قدوة المسلمين قد عدل مجلسه احتراماً للصحابة الذين أتوا يطلبون من علمه.

في الختام:

إنَّ الدين الإسلامي هو دين العلم والتعلم، وفيه يصنف طلب العلم بوصفه نوعاً من أنواع العبادات، وأما تناقله فهو صدقة من أفضل الصدقات التي يثاب عليها المسلم، وهذا ما تبيَّنَّاه من أحاديث نبينا الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم، هذه الأحاديث عن فضل العلم وطلب العلم التي جاءت استكمالاً للمعاني القرآنية التي حضت بدورها على العلم ورفعت من قدر الذين يعلمون.