كيفية صناعة القرار في القرن الواحد والعشرين

كيفية صناعة القرار في القرن الواحد والعشرين
(اخر تعديل 2024-04-12 06:07:14 )
بواسطة

عملية صنع القرار على مر العصور:

بالعودة إلى طريقة اتخاذ القرار التي اتبعها الآباء والأجداد أمكن التوصل إلى ما يأتي:

1. القرن التاسع عشر:

الأشخاص المتعلمون أو أصحاب السلطة مثل الشخصيات الدينية أو القادة السياسيون كانوا بموضع اتخاذ القرارات، وكان على الجميع تنفيذها؛ إذ لم يكن مسموحاً لأي شخص بالتفكير واتخاذ قراراته بشكل فردي.

2. القرن العشرين:

مكَّنت الأنظمة التعليمية العديد من الأشخاص من التفكير واتخاذ قراراتهم بشكل شخصي مع وجود عدة طرائق مُتَّبَعة لذلك، ولكن معظمها كان يعتمد على المنطق الذي يتم تدريسه في المدارس والمؤسسات التعليمية الأخرى.

3. القرن الواحد والعشرين:

بدأت تظهر مشكلات طرائق التفكير التقليدية وأساليب صنع القرار القائمة على هذا الأساس، فتعتمد عملية التفكير التقليدية على طريقتين رئيستين هما الاستقراء والاستنتاج.

يعتمد الاستقراء على التوصُّل إلى نتائج محددة من خلال جمع عدد كاف من البيانات، لهذا يتطلب وقتاً كبيراً، ومن المُتوقَّع أن يتراجع الاعتماد على هذه الطريقة إلى حد كبير مع وتيرة الحياة السريعة في العصر الراهن، وأما الاستنتاج؛ فيعتمد على أسس منطقية وليس تجميع المعلومات، أي إنَّه يستند إلى افتراضات بوصفها صحيحة ليتم اتخاذ القرار على أساسها، ولكن في العصر الراهن ومع تطور العلم، فإنَّ العديد من المُسلَّمات أصبحت موضع شك، مثل نظرية الزمن الخطي (linear time).

شاهد بالفديو: كيف تتعلَّم فن اتخاذ القرارات الصحيحة

اتخاذ القرار بناء على الحدس:

تعدُّ هذه الطريقة هي الأسرع والأفضل؛ لاعتمادها على حدس الإنسان الدقيق والمبني على الخبرة بعد أن تتم مقاربته والتحقق منه وفق المنطق والمعطيات المتاحة، وهذا يحافظ على دور العقل والحقائق الثابتة في صنع القرار ولكن بصفة داعمة وثانوية، ويمكن للشعور الحدسي أن يكون آنياً وسريعاً وهو في الغالب صحيح وفي موضعه، ويعدُّ تطوير هذه المَلَكَة موضوعاً متشعِّباً يحتاج إلى مقال مستقل، ولكن ما يمكن تأكيده أنَّ الجميع يملكون هذه القدرة ويستخدمونها بوعي أو من دون وعي.

ربما الصعوبة ليست في اتخاذ القرار بناءً على الحدس، وإنَّما بالوثوق بهذه الطريقة وتقبُّلها، فالنظام التعليمي الذي تلقاه معظم الناس جعلهم يرفضون استخدام أي شيء لا يمكن إثباته بالأدلة والبراهين.

التدرُّب على الثقة بالحدس:

إنَّ تعلُّم صنع قرارات بناء على الحدس يشبه إلى حد كبير تاريخ صنع القرار المذكور سابقاً، ففي مرحلة الطفولة المبكرة لم يكن قرارك بيدك؛ بل كانت شؤون حياتك من مسؤولية الأهل وكان عليك تنفيذ قراراتهم.

لاحقاً في سن المدرسة ومرحلة البلوغ وبسبب التأثر في المجتمع والمؤسسات التعليمية، فإنَّ كل القرارات التي اتخذتها كانت مبنية على المنطق، وتم تجاهل الشعور الحدسي القوي الذي وُجِدَ معك منذ ولادتك؛ ولذلك لن يحدث أي تغيير ما لم تدرك محدودية التفكير المنطقي وتعيد الانتباه لذلك الشعور الحدسي الفطري.

القرار الحدسي وتمكين الذات:

عد بالزمن إلى الوراء حين كنت مضطراً لاتخاذ قرارات حاسمة في حياتك، مثل الاختيار بين عدة عروض مهنية، وبالتأكيد شعرت بحدس داخلي وميل لخيار محدد دون البقية، حتى وإن بدا غير مناسب من وجهة نظرٍ منطقية، ولكن هل استجبت لذلك الشعور أم تجاهلته؟ وماذا كانت النتيجة؟

عندما تتخذ القرارات بناءً على المنطق وحده، فإنَّك تعتمد على نظريات وطرائق وأساليب شخص آخر؛ أي أن تكون تحت سلطته؛ وهذا يبقيك في حالة دائمة من الشك والقلق بشأن صحة المعلومات التي تملكها أو كفاءة مهاراتك أو معرفتك، ومن ثم صواب القرار الذي اتخذته بناءً عليها، في حين أنَّ اتخاذ القرار بناء على الحدس يقوي الثقة بالنفس؛ لأنَّ قرارك يكون حراً وإحساسك هو الدليل الوحيد على صحته.