كيف تتغلب على الشك الذاتي؟

كيف تتغلب على الشك الذاتي؟
(اخر تعديل 2024-03-07 05:28:15 )
بواسطة

ترويض العقل المضطرب:

إنَّه شعور الشك الذاتي الصامت والمتواصل الذي يسكن عقلك مع مجموعة من الأفكار المدمرة، فلا ينفك ذلك الصوت الداخلي يسترعي انتباهك ويذكِّرك بنقاط ضعفك المتأصلة فيك، ولا يدعك وشأنك قبل أن يستنزف طاقتك وتستسلم له معلناً انتصاره عليك مرة أخرى.

ينشأ الشك الذاتي عندما يُصمِّم الناقد الداخلي المرعب على تقويض نجاحك، وينجح في ذلك على الرغم من كل محاولاتك للتغلب عليه لأنَّه يُحكِم قبضته عليك، ولا يدع لك سبيلاً سوى أن تتساءل لماذا لا يتركني وشأني؟

لا يمكنك إزالة الشك ما لم تتخلص من الأفكار السلبية، فقد تُزرَع بذور الشك في عقولنا في مرحلة الطفولة عندما نتعلم الاندماج في محيطنا، وما بدأ بوصفه صوت العقل الذي يردده أحباؤنا، سرعان ما يصبح الناقد الداخلي الذي يثير شكوكنا مع مرور الوقت، فهل تعلم أنَّه مع بلوغك سن الرشد، ستكون قد سمعت كلمة "لا" 50000 مرة وكلمة "نعم" 7000 مرة فقط؟ إذاً، لا عجب أنَّ الشك الذاتي استطاع إحكام قبضته على عقلك بهذه القوة.

لقد اعتدنا اختلاق قصص غير دقيقة عن أنفسنا، والشك هو إحدى هذه القصص التي تتكرر غالباً في سن الرشد، في حين يُعَدُّ الشك مفيداً من وقت لآخر، فإنَّ الوقوع تحت رحمة الأفكار المُنهِكة لا يفضي إلى عيش حياة مُرضية، وكذلك يُضعِف الشك احترامك لذاتك ويزعزع ثقتك بنفسك إن لم تضع حداً له.

"قوة الإرادة أساس النجاح؛ إذ يوظف الأشخاص الناجحون - بصرف النظر عما يشعرون به - إرادتهم للتغلب على اللامبالاة أو الشك أو الخوف". - الكاتب الأمريكي "دان ميلمان" (Dan Millman).

شاهد بالفيديو: 7 أمور بسيطة يمكنك القيام بها للتغلب على الشكِّ بالذات:

تغذية الشك:

يجدر بنا أن نكرر أنَّ الشك الذاتي يتطلب علاجاً إذا كان يمنعك من عيش حياة طيبة، فقد يبدو جلياً ازدياد أعداد الأشخاص الذين يئسوا من استثمار إمكاناتهم؛ إذ إنَّهم يكبتون عواطفهم في أعماقهم على أمل أن تتلاشى بمعجزة، لكن لسوء الحظ، مع مرور الوقت، قد تؤدي العواطف الدفينة إلى الإصابة بالمرض أو علاقات فاشلة أو إدمان المخدرات أو سلوك غير مرغوب فيه، وغير ذلك.

يذكر المؤلف "بروس ليبتون" (Bruce Lipton) في كتابه التطور التلقائي (Spontaneous Evolution) أنَّ عقلنا الباطن يتحكم بـ 95% من سلوكنا، ومن نواحٍ عديدة، ينعكس سلوكنا في القرارات التي نتخذها كل يوم دون تفكير، فانظر إلى عدد القرارات التي تتخذها في حياتك اليومية تلقائياً ودون وعي منك.

في مثال آخر، يسلط المؤلف "مايكل إس. غازانيغا" (Michael S. Gazzaniga) الضوء على هذه الفكرة في كتابه "من المسؤول: الإرادة الحرة وعلم الدماغ" (Who s In Charge: Free Will and The Science of The Brain)، وبصفته عالِم أعصاب يبحث في فصَيِّ الدماغ، يقدم الملاحظة الآتية عن الخيارات التي نتخذها: "إنَّ ما تفتخر به هو قصة ينسجها الفص الدماغي الأيسر لتفسير أكبر قدر ممكن من سلوكك وإنكار الباقي أو تبريره".

التغلُّب على الناقد الداخلي:

كُتِبَت مقالات وكتب عديدة عن الشك الذاتي في الآونة الأخيرة؛ إذ يستخدم معظمها مصطلح قهر الشك باستخفاف إلى حدٍّ ما مشبِّهين إياه بالتغلب على انتكاسة، وقد تفيدك إعادة صياغة الشك بوصفه جانباً متكاملاً من طبيعتك، لكن لا تنكر جوانب من نفسك؛ وذلك لأنَّ ما تقاومه يصبح أعتى وأدهى.

يتطلب التغلب على الشك الذاتي اتخاذ إجراءات إيجابية مع الانتباه إلى الناقد الداخلي؛ أي عليك اتخاذ إجراء على الرغم من الشك، ففي فيلم وثائقي حديث يسلط الضوء على رياضة السقوط الحر، سأل المراسلُ الرياضي عما إذا كان يشعر بالخوف قبل القفز، فأجابه أنَّه يشعر بالخوف في أثناء كل قفزة، وهذا يذكِّره بالمخاطر الكامنة المرتبطة بهذه الرياضة، ولقد تمكن من التحكم بخوفه عن طريق الاعتراف به وترويضه.

ما يقودنا إلى الوقوف على الشك الذاتي هو معرفة ما إذا كان يخفي خلفه جانباً مكبوتاً من ذواتنا، فانظر إلى الشك المتأصل في حياتك، فما هي الأدوات أو الموارد التي تعتمد عليها كثيراً للتغلب على الشك الذاتي عند ظهوره؟ اعلم أنَّ الشك هو مجرد مطب سرعة وضعته بنفسك في طريقك، والغاية من مطبات السرعة هي إبطاؤك، وليس إيقاف تقدُّمك.

إذا كان الشك الذاتي يعيث فساداً في حياتك، فعليك إعادة النظر في رؤيتك أو هدفك، فلا تدع العقبات تشوِّش رؤيتك؛ إذ يؤدي لوم الذات على إخفاقات الماضي إلى مزيد من نفس الأفكار المدمرة، وبدلاً من ذلك، تفاءل بتحقيق أهدافك وواجه شكوكك بالتعاطف مع الذات، كما تقع على عاتقك مسؤولية التصالح مع شكوكك بود وسلام دون الشعور بالذنب.

في الختام :

اعلم أنَّ طريقك لتحقيق الرضى والسلام الداخلي مليء بالمنعطفات؛ لذا أقبِل على التحديات بانتباه وحماسة، فليس الهدف بحد ذاته هو ما يحفز رغبتنا؛ بل السعي إلى تحقيق ذواتنا هو الذي يشعل فتيل شغفنا، ويحقق لنا النصر الداخلي قبل أي نصر آخر.