المبالغة في التخطيط: مساوئها وكيف تتغلب عليها

المبالغة في التخطيط: مساوئها وكيف تتغلب عليها
(اخر تعديل 2024-04-19 05:56:13 )
بواسطة

ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّن "أليكس فيل" (Alex Fayle)، ويُحدِّثنا فيه عن مساوئ المبالغة في التخطيط وكيفية التغلب عليها.

عندما تبالغ في التخطيط، فأنتَ تعيش في المستقبل بدلاً من الحاضر، وتخطط أكثر مما تفعل، وتفقد قدرتك على التأقلم مع تغير الظروف، وهو ما يؤدي بدوره إلى تقليل فرصتك في تحقيق أهدافك، وعندها تتساءل عن أسباب فشلك في تحقيق التقدم المطلوب على الرغم من التزامك بالخطة أو اجتهادك في العمل على تطبيقها بحذافيرها.

يفيد المدوِّن "بريت ليغري" (Brett Legree) صاحب مدوَّنة "6 ويكس" (6weeks.ca) بأنَّ 80% من أفعال الإنسان هي تفاصيل غير ضرورية، في حين تشكل الأفعال الأساسية التي تساهم في تحقيق الأهداف نسبة 20%، ومن ثم يتسنى للفرد أن يحقق أهدافه عندما يحدد هذه الأعمال الأساسية ويركز عليها.

فيما يأتي 3 مساوئ للمبالغة في التخطيط:

1. العيش في المستقبل:

ينصحك الآخرون بتصوُّر نتائج خطتك، وتخيُّل النجاح والعواطف المرافقة له، والأثر الذي يحدثه في حياتك، وأنا شخصياً، لا أحبذ هذه الطريقة؛ بسبب سعة خيالي وعجزي عن إيقاف تصوراتي المستقبلية عند حد معيَّن، وغالباً ما تترافق تخيلاتي الإيجابية مع أخرى سلبية تنذر بفشلٍ ذريع، وفي كلتا الحالتين ينتهي بي المطاف في اختبار كافة العواطف المرافقة للنجاح والفشل على حد سواء، وعندها أفقد رغبتي بالعمل على تطبيق الخطة وأستسلم قبل أن أبدأ حتى.

2. التركيز على التخطيط بدل الفعل:

كنت أعمل في مجال التنظيم في بداية حياتي المهنية، وقد لاحظت وقتها أنَّني أقضي معظم وقتي في التخطيط لمستقبل نشاطي التجاري دون أن أحركَ ساكناً أو أطبقَ الأفكارَ والبرامجَ التسويقية التي عكفتُ على إعدادها، وكان لدي عملاء وحظيتُ بسمعة طيبة، ولكن وجب عليَّ العمل بجدٍّ لبناء مشروعي الخاص، وعندها فضلتُ تخصيصَ مزيد من الوقت؛ لتحسين خطتي وجعلها مثالية قبل أن أبدأ بتطبيقها، ولم أكن واعياً حينها إلى أنَّه ليس ثمة خطةً مثاليةً.

لا بدَّ أن تضطرَ لإجراء بعض التعديلات على الخطة حالما تبدأ بتطبيقها؛ إذ لا يمكنك أن تتحكم بالظروف ولا بأفعال الآخرين وردود فعلهم، ومن ثم يجب أن تكون الخطة قابلة للتعديل وفق ما تقتضيه الضرورة.

عندما يصرُّ الفرد على إعداد خطة مثالية، فإنَّه سيقضي وقتاً طويلاً في محاولة تحسينها وتعديلها دون أن يحرك ساكناً ويجرب تطبيقها على أرض الواقع، لذا عليك أن تتوقف عن التسويف وتبدأ العمل على أرض الواقع.

3. فقدان القدرة على الاستجابة للتغيرات:

لا يمكنك أن تتأقلم مع التغييرات وتستجيب لها عندما تعتمد على الخطط المفصَّلة وتحاول تطبيقها بحذافيرها، وإنَّما ستقوم بدراسة التغييرات وإجراء التعديلات على الخطة بما يتوافق معها، وهذا يعني أنَّك عدتَ إلى مرحلة التخطيط بدلاً من التطبيق الفعلي على أرض الواقع.

تزداد صعوبة تعديل الخطة عند المبالغة في تفصيلها، لهذا السبب يجب أن تحرص على وضع خطة قابلة للتعديل عند اقتضاء الضرورة، وتفقد الخطة مرونتها عندما تعكف على تعديلها وإضافة مزيد من التفاصيل عند حدوث التغييرات.

شاهد بالفديو: 13 تقنية فعّالة لتحديد الأولويات

حل مشكلة المبالغة في التخطيط:

كيف تتغلب على مشكلة المبالغة في التخطيط؟ كيف يمكن تمييز التنظيم والدقة في العمل عن استخدام الخطط بغية التسويف؟

فيما يأتي 5 خطوات للتغلب على مشكلة المبالغة في التخطيط:

1. تكوين فكرة عامة عن المستقبل المنشود:

لا داعي لتحديد نتيجة نهائية مفصَّلة، وإنَّما يكفي تكوين تصوُّر عام عن المستقبلِ بطريقة الإجابة عن الأسئلة الآتية:

  • ما هو الهدف الذي تريد تحقيقه ومتى تريد أن تحققه؟
  • لماذا تريد أن تحققه؟
  • ماذا ستحقق عندما تبلغ هدفك؟

لا تهدر وقتك في محاولة تصور مستقبل مثالي، وإنَّما عليك أن تكون واقعياً ومنطقياً، فقد لا يتسنى لك أن تحقق أهدافك وأحلامك عندما لا تكون واقعية.

2. الانطلاق من الهدف النهائي في وضع خطة العمل:

يجب عليك أن تدرسَ الهدفَ النهائي وتنطلق منه في وضعِ خطة العمل التي ستساعدك على الوصول إليه.

يُطلَق على هذه العملية في قطاع الأعمال اسم "الهندسة العكسية" (reverse engineering)؛ وهي تعني تحليل المنتج النهائي واكتشاف مدى نجاحه بناء على النتائج، أي إنَّك تبدأ بالنتائج ثم تعود خطوة إلى الخلف وهكذا، ويساعدك تطبيق هذه الخطوة على التركيز على الإجراءات الرئيسة اللازمة لتحقيق هدفك.

3. تحديد الأهداف المرحلية الرئيسة:

تقتضي هذه الخطوة تحديد الأهداف المرحلية الرئيسة التي يجب أن تنجزها قبل أن تبلغَ هدفكَ النهائي، ولا داعي لتحديد نتائج تفصيلية لجميع خطوات العمل، وإنَّما يكفي التركيز على الأهداف المرحلية البارزة التي تساعدك على مواصلة العمل على تحقيق هدفك النهائي.

4. الشروع في تطبيق الخطة:

يُفترَض أن يكونَ التطبيقُ هو الإجراء الأسهل، ومع ذلك يجده معظم الأفراد صعباً؛ بسبب الأسئلة المقلقة التي تخطر لهم من قبل: ماذا لو أنَّني أخفقتُ في الإحاطة بكافة المتغيرات؟ وماذا لو أنَّني بذلتُ جهدي في العمل وعجزتُ عن إحراز النجاح؟ وما هو سبب رغبتي بتحقيق هذا الهدف من الأساس؟

الخوف والتقاعس؛ هما من العوامل الرئيسة التي تتسبب في إحباط الفرد أو تثبيط عزيمته، لذا يجب التحلي بالالتزام والشجاعة اللازمة للانتقال من مرحلة التخطيط إلى الفعل، وفي حال عجزتَ عن الانطلاق وحدك، عندئذٍ يمكنك أن تستعين بمدربٍ أو منتورٍ يزودك بالوسائل والأدوات التي تحتاج إليها للانطلاق، وتعزيز حس المحاسبة والمسؤولية عندك تجاه التقدم الذي تحرزه.

5. اتباع الحدس:

لكل إنسان نهجه الخاص في تحقيق أهدافه، لهذا السبب يجب عليك أن تتبع حدسَك وتعتمد على شغفِك في تحديد إجراءات العمل والوسائل والأدوات الخاصة بك، ويمكنك أن تختارَ الوسيلةَ التي تناسبك في تطبيق إجراءات العمل اللازمة لتحقيق كل الأهداف المرحلية.

ثمة عدد كبير من الوسائل والطرائق التي يمكنك أن تستخدمها لبلوغِ الأهداف المرحلية الرئيسة، كما يساعدك الإدراك الذاتي على ارتجال الخطوات وإجراءات العمل دون أن تضطرَّ إلى تخطيطِ كافة التفاصيل؛ لأنَّك ستتحرك بشكل غريزي بمساعدة حدسك.

في الختام:

لا يمكنك أن تعتمدَ على خطةِ العمل وحدها لبلوغ أهدافك؛ بل أنت تحتاج إلى العمل على أرضِ الواقع، ويعجز الفرد عن الشروع في تطبيق خطته على أرض الواقع عندما يبالغ في التخطيط، وبالنتيجة لا يتسنَّى له أن يحققَ أهدافه؛ أي باختصار، يقتضي غرض الخطة توجيهك نحو هدفك، لهذا السبب يجب أن تضعَ خطةً بسيطةً عامةً دون أن تبالغ في تحديد تفاصيلها.