أهمية الترابط الأسري

أهمية الترابط الأسري
(اخر تعديل 2023-08-21 06:00:16 )
بواسطة

ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدون "جورج إس. إيفرلي" (George S. Everly)، ويُحدِّثنا فيه عن أهمية الترابط.

أهمية المرونة:

إنَّ المرونة هي القدرة على التعافي في أعقاب التحديات، والشدائد، والضغوطات الشديدة، وقد قادتني تحرِّياتي إلى دراسة عقول المحاسبين القانونيين المعتمدين، والرياضيين، والعسكريين، والناجين من الصدمات، والقوات البحرية الأمريكية أيضاً، وكنت مهتماً بالسعي لفهم كيف تمكن بعض الأشخاص من التعافي بعد تعرُّضهم لفشلٍ كارثي أو لإصابةٍ ما أو للخسارة، وسرعان ما أصبحت الإجابة واضحة.

إنَّ أقوى عامل يعزز مرونة الإنسان هو شعورنا بالارتباط؛ ففي أثناء تنظيم مجموعة تركيز مع القوات البحرية الأمريكية أُعجِبتُ كيف يكتسب هؤلاء المحاربين الاستثنائيين هوية من الإحساس بالترابط؛ فقد رأوا أنَّهم جزء من شيء أكبر بكثير من أنفسهم، واستمدوا القوة من هذا الترابط.

لا تقتصر قوة الترابط على القوات البحرية؛ بل إنَّها توجد في أماكن كثيرة؛ كالفرق الرياضية، والكليات، والأعمال التجارية، ويبدو أنَّ المنظمات التي تعزز الترابط والفخر والدعم المتبادل هي الرائدة في مجال عملها، فقد أصدر معهد الطب (The Institute of Medicine) منذ فترة تقريراً حدد فيه الترابط عاملاً في تعزيز قوة عاملة جاهزة ومرنة، وأشار كذلك إلى أنَّ القيادة المرنة يمكن أن تكون عاملاً هاماً في بناء الترابط والمرونة التنظيمية، ولكن كيف يمكن تعليم المديرين ليصبحوا قادة مرنين وأن يعززوا الترابط؟

تكمن الإجابة في إنشاء قيم تنظيمية للدعم والاتصالات المفتوحة والنزاهة، ولكن يبدو أنَّ الأمر الأساسي هو تذكير الأشخاص - كلما أمكن ذلك - بأنَّهم جزء من فريق، وشبكة من الدعم المتبادل والهوية المشتركة؛ فلا يوجد أي "أنا" في "الفريق"، وإذا تقبَّلنا فكرة الترابط؛ فإنَّها ستتخلَّل جميع جوانب حياتنا.

شاهد بالفديو: 12 طريقة لتعزيز التواصل الأسري

الترابط الأسري أهم من أي شيء آخر:

لقد ارتكبتُ كثيراً من الأخطاء في حياتي، ولكن بالنسبة إلى القرار الذي سأتكلم عنه أظنُّ أنَّني كنتُ على صواب عندما اتَّخذته، فعلى الرَّغم من أنَّ هذا الحدث قد حدث منذ زمن طويل، لكنَّني لم أتكلم عنه إلا بعد عدة سنوات من حدوثه، فقد كنت أعمل في بلد دمَّرَته الحرب، واستمرت جهودي لسنوات عديدة، وقد كوَّنت صداقات كثيرة في الحكومة وفي العائلة المالكة التي حكمت البلاد.

في رحلة معينة عندما كنتُ أنهي عملي في الأسبوع الأول من شهر نيسان (April) تلقيت رسالة مفادها أنَّه تقديراً لعملي سألتقي بملك البلاد ليوجه الشكر لجهودي رسمياً، وقد كان هذا شرفاً كبيراً بالنسبة إلي، ولكن في اللحظة الأخيرة قيل لي ستُعاد جدولة اجتماعنا؛ نظراً لنشوء صراع ما، ثمَّ جُدوِلَ الاحتفاء بي في يوم كان من المفترض أن أعود فيه إلى الولايات المتحدة (United States).

لمدة 5 أو 6 سنوات متتالية كنَّا أنا ووالدي وابني لا نفوِّت المباراة الافتتاحية لفريق البيسبول بالتيمور أوريولز (Baltimore Orioles)، وما حدث أنَّ حفل "سموِّه" كان مقرراً في اليوم نفسه، وقد كان التحدي بالنسبة إلي هو تحديد ما هو الأكثر أهمية، ولكن لم يستغرق الأمر مني سوى 3 ثوانٍ لأدرك أنَّني كنت بحاجة إلى تفويت فرصة العمر المهنية لأكون مع ابني ووالدي، وقد أدركت أنَّني حقاً كنت جزءاً من شيء أكبر مني؛ وهو عائلتي، وبمنتهى الأدب رفضتُ التكريم الرائع الذي عُرِض علي.

لقد كانت الصدمة على وجه الممثل الملكي لافتة للنظر؛ إذ إنَّه لم يصدق أنَّني رفضت الدعوة، ومع ذلك كان الأمر الأكثر أهمية بالنسبة إلي هو ممارسة ما أعِظ به، والاستمرار في تقوية الترابط الأسري بدلاً من الاستفادة من فرصة مجزية على المستوى الشخصي، لقد كنتُ متأكداً من أنَّ عملي في ذلك البلد سيُذكَر بصورة إيجابية لسنوات قادمة، لكنَّ قيم الترابط الأسري ستعيش لأجيال.

لم أذكر حينها ما حدث لأحد على الإطلاق، وعندما وصل اليوم الذي أجتمع به مع عائلتي توجَّهتُ أنا ووالدي إلى مدرسة ابني لاصطحابه وحضرنا المباراة الافتتاحية، ولم أشعر حتى بلحظة واحدة من الندم على قراري بالعودة إلى الوطن؛ لأنَّ قيمتي للبقاء مخلصاً لعملي ولذاتي المهنية لم تبدُ هامة مقارنة بالولاء الذي شعرت به لوالدي ولابني.

في الختام:

لم أشعر بالحاجة إلى مشاركة هذه القصة مع أي شخص إلا بعد عقد من الزمن من حدوثها عندما كان أطفالي مجتمعين معي لتناول العشاء، فتحدَّثنا عن القيم الأسرية وأهمية البقاء على ترابط وهو ما أعِظ به دائماً، وبعد أن سمعَت ابنتي الكبرى هذه القصة نظرت إلي بدمعة في عينها، وقالت: "أبي، هذه أجمل قصة قد سمعتها على الإطلاق!".