سر النجاح في الحياة

سر النجاح في الحياة
(اخر تعديل 2024-04-04 05:35:14 )
بواسطة

يودُّ الناس عيش نمط حياة صحي، ويفعلون كل ما في وسعهم لتحقيق هذا الهدف سواء باتباع نظام غذائي لتخفيف الوزن، أم ممارسة التمرينات الرياضية لتحسين لياقتهم البدنية، أم النوم باكراً لتجديد نشاطهم في اليوم التالي، أم الإقلاع عن التدخين والعادات المؤذية، وربما كل ذلك معاً، وهذا رائع بالطبع، ولكن السؤال الهام هنا هو "كم من الوقت يصمدون على هذه الحال، وكم منهم يعود إلى عاداته السابقة قبل تحقيق النتائج المنشودة؟"، لا شك أنَّ العدد كبير، ويرجع ذلك إلى أنَّهم يطبقون النصائح التي يمليها عليهم الآخرون لعيش نمط حياة صحي، وبالتأكيد هذه النصائح مفيدة، ولكنَّها لا تتطرق إلى سرائر الإنسان وعواطفه الكامنة؛ ما يؤدي إلى فشل كل المحاولات السابقة في أغلب الأحيان.

الصلة بين العقل والجسد:

لقد ازداد الاعتراف بالصلة بين العقل والجسد في الأوساط الطبية، فإذا فكرت في الأمر، فستجد أنَّ هذه الصلة واضحة جداً، وعندما تشعر بالإثارة أو التوتر أو الذعر، فإنَّ هذا الشعور يبدأ في عقلك ولكنَّه يؤثر تأثيراً مباشراً في جسدك، فعندما تقع في الحب، فإنَّك تشعر به يسري في جسدك، وعندما تشاهد فيلماً حزيناً، قد تبكي بحرقة، وعندما تفوز بجائزة أو تحصل على العلامة التامة في الامتحان، يخفق قلبك بسرعة وتشعر بكل أنواع التأثيرات الجسدية الأخرى.

خلُصت دراسة علمية عن أثر السعادة في الصحة إلى أنَّ الأشخاص السعداء أقل عرضة للإصابة بالمرض ويعيشون مدة أطول، وكان الفرق بين الأشخاص السعداء وغير السعداء مشابهاً للفرق بين المدخنين وغير المدخنين من ناحية طول العمر.

تأثير العقل الباطن:

يتحكم العقل الباطن بنا ويملي علينا كل شيء دون اعتراض منا؛ لأنَّه يريحنا من التفكير فيما يجب فعله وما لا يجب فعله، ويعني هذا أنَّنا مُسيَّرون في حياتنا، ومن الأمثلة على ذلك، عدم العناية بمظهرنا والتأخر عن المواعيد والفقر، وكل هذه الحالات سببها العقل الباطن؛ وكذلك المرض سببه العقل الباطن بشكل أو بآخر، ونحن نعرف جميعاً أشخاصاً يمرضون باستمرار، وفي حال كانوا بصحة جيدة لأكثر من بضعة أشهر، فإنَّ عقلهم الباطن سيقنعهم بطريقة ما بأنَّهم مرضى، ولكي يقنعنا بذلك، يذكرنا العقل الباطن بقصص من طفولتنا كنا قد استفدنا منها آنذاك.

الطفل المريض يعلَم أنَّ الناس سيهتمون به أكثر، وقد يحصل على يوم إجازة من المدرسة، وربما على مكافأة أو على الأقل معاملة أفضل من أخوته، ولا ريب في أنَّك شعرت بفرح عارم عندما أخذت يوم إجازة من المدرسة؛ بسبب ذلك المرض البسيط هذا إذا كنت مريضاً أساساً، والمشكلة هي أنَّ هذه القصص تبقى في أذهاننا مع تقدمنا في العمر، لذلك ترى بعض الموظفين يتمارضون من أجل الحصول على يوم إجازة من العمل، أو على رعاية خاصة من الأهل، ولكن قد يؤدي هذا إلى تدمير حياتنا.

الغريب في الأمر أنَّ معظمنا لا يدرك ما يحدث، ولا ما يفعله العقل الباطن بنا، ونظن أنَّ الأمر خارج عن إرادتنا، ولكن في الواقع، نحن نمتلك السيطرة الكاملة والخيار بأيدينا.

إعادة تهيئة العقل الباطن:

ثمة فاصل زمني بين المُحفِّز والاستجابة له، وفيه نختار نوعية استجابتنا وتكمن قدرتنا على النمو ونيل حريتنا، وفي هذا الفاصل، نستطيع إعادة بناء أنفسنا، ونحن نحتاج إلى خطاب سليم مع أنفسنا، وكوننا نتحدث إلى أنفسنا طوال اليوم، فعلينا انتقاء الكلمات والعبارات المناسبة، ونحن نتخيل أنفسنا في مواقف معينة، لذا علينا أن نتخيل ما نريد تحقيقه وكيف نريد أن نشعر والشخصية التي نريد تجسيدها، وبذلك نحن نحاول تكوين صورة لطيفة عن ذواتنا، فعندما تكون لدينا صورة واضحة في أذهاننا عن الشخصية التي نريد تجسيدها، سيتلقفها عقلنا الباطن ويحولها إلى صورة حقيقية.

في الختام:

نحن بحاجة إلى تحمل مسؤولية حياتنا، لا طائل ولا نفع من إجبار أنفسنا على تحمل التمرينات الرياضية وتناول الطعام الصحي إذا كنا نحدث أنفسنا طوال الوقت عن تدهور صحتنا وعدم قدرتنا على التغيير، ولننجح علينا فعل نقيض ذلك تماماً؛ أي أن نقنع أنفسنا بأنَّنا في صحة جيدة ومظهر لائق حتى يتحول ذلك إلى واقع.

إنَّ قضاء الوقت في إعادة تهيئة عقولنا وتطهيرها من المعتقدات البالية التي تشرَّبناها منذ نعومة أظفارنا هو السبيل الوحيد إلى نجاحنا في تحقيق أي هدف نسعى إليه، لذا تذكَّر أنَّ قضاء ما أمكن من الوقت في شحذ الفأس سيجعل قطع الشجرة أسهل بكثير.