قصة الأميرة والفقير

قصة الأميرة والفقير
(اخر تعديل 2023-06-08 00:33:08 )
بواسطة

في قديم الزمان، كان هناك مملكة كبيرة، يحكمها ملكٌ عادلٌ طيّبٌ وحكيم، كان لدى الملك ابنة جميلة جدًا ومُدللة، تعيش معه في القصر الكبير الواسع، وبسبب الدلال الكبير من الملك لابنته، فقد أصابها الغرور والكِبر، فكانت تحتقر كل من هم أقل مستوىً منها من الناس والخدم وتعاملهم بقسوة وجفاء، وكانت تعاملهم جميعا بتكبّر وفوقيّة.

وكان والدها الملك العادل ينزعج من تصرفاتها كثيرًا، وحاول نصحها وتغيير تصرفاتها مرارًا وتكرارا، ولكن من دون جدوى.


وفي أحد الأيام، سمع الملك الطيّب ابنته وهي تصرخ على أحد الخدم وتسيء معاملته، فوعدها أن يلقنها درسًا قاسيًا حتى تُحسن معاملة الآخرين وتعود إلى صوابها وعقلها، وأقسم أنه سيزوّجها لأول شخص يدخل القصر، مهما كان هذا الشخص ومهما كان مستواه المادي، بعد تهديد والدها لها ندمت الأميرة المغرورة على أفعالها.

ولكنها ظنّت أن تهديدات والدها ستذهب أدرج الريح، وأنه سينسى الأمر تمامًا بعد برهة من الزمن فهي ابنته المدللة والوحيدة، ومن المستحيل أن ينفذ ما قاله هو فقط يهددها.


وبعد عدّة أيام، جاء إلى قصر الملك شاب يطلب المساعدة، وكان هذا الشاب يعزف على آلة موسيقيّة، فدعا الملك الشاب لمقابلته وأخبره أنه سيزوجه ابنته، استغرب الشاب الأمر، لكنه خضع لأوامر الملك، وعندما علمت الأميرة بما فعله والدها بدأت بالبكاء والصراخ وتوسلت إلى الملك أن لا يفعل ذلك، وأنها لن تتكبر وتتجبر على أحد بعد ذلك.

ولكن توسلاتها ذهبت أدراج الرياح؛ لأن الملك وعدها أن سيزوجها لأول شخص يدخل إلى القصر فكان هذا الشاب، فتزوجت الأميرة الشاب، وانتقلت للعيش معه في بيته.


بعد انتقال الأميرة للعيش مع زوجها في بيته الصغير المتواضع في الغابة البعيدة عن قصر والدها، لم تأخذ معها سوى ثيابها، واضطرت أن تتعلم الغسيل والطهي وتنظيف البيت وإعداد الطعام، لأنه داخل بيت زوجها لا يوجد هناك، لا خدم ولا حشم كما كان الأمر، عندما كانت في قصر والدها الملك.

وكانت الأميرة تتذكر حياتها في القصر والرفاهية والدلال الذي كانت تعيشه، فكانت تبكي بكاءً شديدًا على تلك الأيام، فبعد الرفاهية التي كانت تعيشها داخل القصر تحوّلت حياتها إلى ضرب من الجحيم والتعب والفقر، ولكنها أيقنت أن حياتها مع زوجها الفقير، أمر واقعٌ ولا مفر منه، وكان زوج الأميرة الفقير قبل أن يخرج من البيت كل صباح.

يطلب منها أن تقوم بواجباتها المنزليّة جميعها، من غسيل للأطباق، وطهي للطعام، وغسيل للملابس، وتنظيف وترتيب للمنزل، وتفقّد الحظيرة وإطعام الحيوانات إن كانت بحاجة إلى الطعام أو الماء، وكانت الأميرة تشعر بالتعب والإرهاق الشديد وتشمئز من تلك الأعمال اليوميّة التي لم تعتد على القيام بها بنفسها. ولكنها على الرّغم من الدلال التي اعتادت عليه في بيت والدها كانت تقوم بمهامها داخل بيت زوجها على أكمل وجه، ومع مرور الوقت تعوّدت على القيام بهذه الأعمال والأشغال اليوميّة بل أصبحت جزءًا من حياتها اليوميّة بخاصة، بعد مرور عدّة أشهر على زواجها.


وفي أحد الأيام عاد زوج الأميرة إلى منزله، فوجدها حزينة كئيبة، فسألها عن الأمر، فاعترفت له أنها نادمة على كل ما كانت تفعله في السابق: من غرور وتكبّر على الناس، وأنها نادمة على جميع أفعالها وتصرفاتها السيئة، وأنها لو عاد بها الزمان للوراء، لن تفعل ذلك أبدًا.

واعترفت له بأنها تتمنى لو تعود لقصر والدها الملك الحكيم حتى تعامل الناس بلطف واحترام، وبعد سماع زوج الأميرة منها ذلك ابتسم لها، وأخبرها عن السرّ الذي كان يخفيه عنها طوال فترة زواجه منها فأخبرها أنه لم يكن فقيرًا في يومٍ من الأيام، ولكنه أمير مثله مثلها، وأنه ابن صديق والدها وأباه ملك مقرّب منه.

واتفقا على القيام بهذه الخطة حتى تعود هي لرشدها وتُحسن معاملة الآخرين وتبتعد عن التكبر والغرور، وتعامل الناس بلطف وتواضع فابتسمت الأميرة من كلام زوجها، وفرحت فرحًا شديدًا، وعاهدت نفسها وزوجها أن لا تعود إلى أفعالها السابقة، فانتقلا للعيش في قصر الأمير، وعاشا حياة هانئة مليئة بالحب والسعادة والمودة.

وختامًا تعد قصة الأميرة والفقير واحدة من أجمل قصص الأطفال القصيرة ، لكونها تعلم الأطفال أهمية التواضع والابتعاد عن الغرور عند التعامل مع الآخرين فنحن جميعًا سواسية كأسنان المشط لا يتميز أحد عن الآخر إلا بإحسانه.