ما الفرق بين المسلم والمؤمن في القرآن الكريم؟

ما الفرق بين المسلم والمؤمن في القرآن الكريم؟
(اخر تعديل 2023-09-01 06:00:17 )
بواسطة

المسلم هو من يتمسك بأركان الإسلام الخمسة ويخضع لإرادة الله، وأركان الإسلام الخمسة هي إعلان الإيمان بشهادة أنَّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، والصلاة وصوم شهر رمضان والزكاة وحج البيت، فتُعدُّ هذه الممارسات من أسس العقيدة الإسلامية، ويظن المسلمون أنَّهم مطالبون باتباعها حتى يُعدُّوا مؤمنين حقيقيين.

من ناحية أخرى، فإنَّ المؤمن هو الشخص الذي يؤمن بالله ويسعى إلى أن يعيش حياته وفقاً للمبادئ التي حددها القرآن الكريم، ومن هذه المبادئ الإيمان بوحدانية الله، وضرورة أداء الحسنات وضرورة الاستسلام لمشيئة الله، وعلى عكس المسلمين فقد لا يلتزم المؤمنون بالضرورة بجميع أركان الإسلام الخمسة.

إنَّ فهم الاختلافات بين هاتين المجموعتين هام؛ لأنَّه يساعد على تعزيز فهم وقبول أكبر داخل المجتمع المسلم، وفي هذا المقال سنتعرف إلى أبرز هذه الفروقات.

فهم مصطلح المسلم:

المسلم هو من يتبع تعاليم الإسلام ويخضع لإرادة الله، وتأتي كلمة "مسلم" من الكلمة العربية "إسلام"، والتي تعني "الاستسلام"، لكي تكون مسلماً، يجب أن تلتزم بأركان الإسلام الخمسة، وهي أساس العقيدة الإسلامية:

1. نطق الشهادة:

الركن الأول من أركان الإسلام هو نطق الشهادة والتي تتضمن التصريح بأنَّ لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً رسول الله، وتُعدُّ هذه الشهادة من أهم جوانب العقيدة الإسلامية؛ لأنَّها تثبت التزام المرء بالله وتعاليم القرآن.

2. الصلاة:

الركن الثاني من أركان الإسلام هو الصلاة، والتي تشمل أداء الصلوات خمس مرات في اليوم، وتُؤدى هذه الصلوات باتجاه مكة، ويقصد بها إظهار خضوع المرء وإخلاصه لله.

3. الصيام:

الركن الثالث من أركان الإسلام هو صيام شهر رمضان، وهذا يشمل الامتناع عن الطعام والشراب وغير ذلك من الحاجات الجسدية والامتناع عن الشهوات في ساعات النهار، لتركيز انتباه المرء إلى الأمور الروحية وإظهار التزامه بالله.

4. الزكاة:

الركن الرابع من أركان الإسلام هو الزكاة، وفيها إعطاء حصة من مال المسلم للمحتاجين، وتهدف هذه الممارسة إلى تعزيز العدالة الاجتماعية ومساعدة مَن هم أقل حظاً.

5. الحج:

الركن الخامس والأخير من أركان الإسلام هو الحج إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة، وهو واجب على جميع المسلمين القادرين على القيام بذلك، ويهدف هذا الحج إلى جمع المسلمين من جميع أنحاء العالم معاً بروح الوحدة والإخلاص لله.

يكون المسلم مسلماً بالتمسُّك بأركان الإسلام الخمسة قادراً على تقوية علاقته مع الله وأن يعيش حياته وفقاً لتعاليم القرآن.

فهم مصطلح المؤمن:

المؤمن هو من يؤمن بالله ويسعى إلى أن يعيش حياته وفق المبادئ التي حددها القرآن بخلاف المسلمين، قد لا يلتزم المؤمنون بالضرورة بجميع أركان الإسلام الخمسة؛ لكنَّهم ما يزالون يحافظون على التزامهم القوي بإيمانهم:

  • من السمات المميزة للمؤمن إيمانه بوحدانية الله، ويعلِّم القرآن أنَّه يوجد إلهاً واحداً حقيقياً، وأنَّ الله خالق الخليقة كلها.
  • يدرك المؤمنون أيضاً أهمية أداء الأعمال الصالحة، ويسعون إلى عيش حياتهم وفقاً لتعاليم القرآن.
  • من السمات الرئيسة الأخرى للمؤمن التزامه بالخضوع لإرادة الله، وهذا ينطوي على الاعتراف بأنَّ الله يتحكم في كل شيء، وأنَّ كل ما يحدث هو في النهاية جزء من خطة الله؛ لذا يستطيع المؤمنون أن يجدوا السلام والرضى في حياتهم، حتى في مواجهة الشدائد.
  • إضافة إلى إيمانهم القوي بالله، فإنَّ المؤمنين يركزون أيضاً تركيزاً كبيراً على أهمية معاملة الآخرين بلطف واحترام.
  • يعلِّم القرآن أنَّ جميع الناس متساوون عند الله، وأنَّه من الهام إظهار التعاطف مع الآخرين، بصرف النظر عن العرق أو الدين أو الوضع الاجتماعي.

الفرق بين المسلم والمؤمن في القرآن الكريم:

مع وجود أوجه التشابه بين المسلمين والمؤمنين في القرآن، لكن توجد بعض الاختلافات الأساسية التي تميز هاتين المجموعتين عن بعضهما بعضاً:

1. ممارسات الشعائر الدينية:

من الاختلافات الرئيسة بين المسلمين والمؤمنين في القرآن هو أسلوبهم في ممارسة الشعائر الدينية، فيلتزم المسلمون بأركان الإسلام الخمسة، والتي تتضمن طقوساً وممارسات معينة مطلوبة حتى يُعدُّ مؤمناً حقيقياً، ومن ناحية أخرى قد لا يلتزم المؤمنون بالضرورة بكل هذه الممارسات، فقد يركزون بدلاً من ذلك أكثر على مبادئ وتعاليم القرآن.

2. تفسير النصوص الدينيّة:

الفرق الرئيس الآخر بين المسلمين والمؤمنين في القرآن هو نهجهم في تفسير النصوص الدينية، ويميل المسلمون إلى الاعتماد اعتماداً كبيراً على تعاليم العلماء المسلمين، وقد يتطلعون إلى هؤلاء الخبراء للحصول على إرشادات في فهم القرآن والنصوص الدينية الأخرى، ومن ناحية أخرى قد يتخذ المؤمنون مقاربة فردية أكثر لتفسير النصوص الدينية وقد يعتمدون أكثر على فهمهم الشخصي للقرآن.

3. النهج تجاه القضايا الاجتماعية والسياسية:

يوجد فرق هام آخر بين المسلمين والمؤمنين وهو نهجهم تجاه القضايا الاجتماعية والسياسية، وقد يكون المسلمون أكثر ميلاً للالتزام بالتعاليم الإسلامية التقليدية عن قضايا مثل أدوار الجنسين والحكم السياسي، بينما قد يتخذ المؤمنون نهجاً أكثر ليبرالية وتقدمية تجاه هذه القضايا.

نستطيع من خلال الاعتراف بهذه الاختلافات واحترامها، العمل من أجل إنشاء مجتمع أكثر انسجاماً وقبولاً؛ إذ يمكن للناس من جميع الأديان التعايش بسلام.

شاهد بالفيديو: فضل قراءة القرآن الكريم

التشابه بين المسلم والمؤمن في القرآن الكريم:

مع وجود بعض الاختلافات بين المسلمين والمؤمنين في القرآن الكريم، توجد أيضاً أوجه تشابه هامة بين هاتين المجموعتين:

  • من أوجه التشابه الرئيسة بين المسلمين والمؤمنين في القرآن إيمانهم بالله بكونه الإله الواحد الحقيقي، وتدرك المجموعتان كلتاهما أنَّ الله هو خالق كل شيء وأنَّه من الهام أن يعيش المرء حياته وفقاً لتعاليم الله.
  • التشابه الآخر بين المسلمين والمؤمنين هو التزامهم باتباع المبادئ والتعاليم الواردة في القرآن الكريم، تؤمن المجموعتان كلتاهما بأهمية أداء الأعمال الصالحة، ومعاملة الآخرين بلطف واحترام، والسعي إلى عيش حياة فاضلة.
  • إضافة إلى ذلك، يؤمن المسلمون والمؤمنون بأهمية الصلاة، وقد يقيمون الصلاة بانتظام بصفتها جزءاً من ممارستهم الدينية.
  • تشابه آخر بين المسلمين والمؤمنين هو إحساسهم بالانتماء، وتدرك المجموعتان كلتاهما أهمية أن تكون جزءاً من مجتمع أكبر من المؤمنين، وقد تشارك في النشاطات المجتمعية مثل خدمات العبادة والعمل الخيري والمناسبات الاجتماعية الأخرى.

آيات تكلمت عن الفرق بين المسلم والمؤمن في القرآن الكريم:

توجد آيات قرآنية عديدة تبين الفرق بين المؤمن والمسلم، ومن بين هذه الآيات:

  • قال تعالى في سورة الحجرات الآية 14: "قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ".
  • في سورة البقرة الآية 285: "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ".
  • في سورة الحجرات الآية 11: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ".
  • في سورة الزمر الآية 2: "إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ".

تشير هذه الآيات إلى أنَّ الإيمان هو العنصر الرئيس الذي يميز المؤمن عن المسلم؛ إذ يتعلق الإيمان الصحيح بالإيمان بالله ورسوله والقيام بالأعمال الصالحة.

أحاديث شريفة تبين الفرق بين المسلم والمؤمن:

توجد أحاديث نبوية شريفة تبين الفرق بين المسلم والمؤمن، ومن بين هذه الأحاديث:

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده، والمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم". (رواه البخاري ومسلم).
  • عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّما الأعمال بالنيات؛ وإنَّما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" (رواه البخاري ومسلم).
  • عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". (رواه البخاري ومسلم).
  • عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم". (رواه الترمذي).

في الختام:

إنَّ فهم الاختلافات والتشابهات بين المسلم والمؤمن في القرآن أمر ضروري لخلق مجتمع أكثر انسجاماً وتقبلاً، ومع أنَّه توجد بعض الاختلافات في نهج الممارسة الدينية، وتفسير النصوص الدينية، والقضايا الاجتماعية والسياسية، لكن توجد أيضاً أوجه تشابه عديدة هامة توحد هاتين المجموعتين.

من الهام الاعتراف بهذه الاختلافات واحترامها، مع الاحتفاء أيضاً بالقيم والمعتقدات المشتركة التي تجمع المسلمين والمؤمنين معاً، والعمل من أجل بناء مجتمع أكثر شمولية وقبولاً؛ إذ يستطيع الناس من جميع الأديان التعايش بسلام والعمل من أجل تحقيق أهداف مشتركة.

تؤكِّد تعاليم القرآن على أهمية التعاطف والاحترام تجاه الآخرين، وسواء كان المرء مسلماً أم مؤمناً، فإنَّ هذه القيم الأساسية يجب أن توجه تفاعلاتنا مع الآخرين، وأن تلهمنا للعمل من أجل عالم أكثر عدلاً وإنصافاً للجميع.