3 أخطاء تطيل معاناتك

3 أخطاء تطيل معاناتك
(اخر تعديل 2023-12-15 04:56:15 )
بواسطة

أنا أعرف هذا الشعور، وأعلم كم من المُحبِط أن تعمل بجد لتحقيق شيء ما قبل أن تواجه خيبة الأمل لعدم قدرتك على الاستمرار.

راقبت قبل بضع سنوات بعضاً من طيور الإوز، وقد رفرفت بأجنحتها بجنون وضربت بأرجلها وشقت طريقها عبر البحيرة لتحاول الطيران، وذكرني كفاحها هذا بنفسي.

نحن نعلم أنَّ لحظة الانطلاق هي الأصعب، لكن إذا استطعنا الضغط على أنفسنا والاستمرار بذلك، سنصل عندها في يوم من الأيام إلى نقطة نتحرر فيها ونحلق للأعلى تماماً مثل الإوز، والمشكلة هي أنَّ الأمر لا يحدث على هذا النحو، فبدء الأمر بالمعاناة يعني استمراره على هذا النحو، إنَّه نهج غير مستدام؛ لذلك ينتهي بنا الأمر إلى الوقوع مرة أخرى بدلاً من التحليق، والأشخاص الذين ينجحون لا يعانون في طريقهم إلى النجاح؛ لأنَّهم لا يرتكبون الأخطاء نفسها التي يرتكبها معظمنا.

الأخطاء الثلاثة التي يجب أن تتجنبها:

إليك هذه الأخطاء الثلاثة التي يجب أن تتجنبها:

1. استخدام التعاسة بصفتها دافعاً:

"ستنتهي تعاستي حين أفقد بعض الوزن"، "لن أنعم بالرضى حتى أحصل على زيادة في الراتب"، "من الأفضل ألَّا يفوتني الموعد النهائي"، وهذه هي الطريقة التي يدفع بها معظم الناس أنفسهم إلى النهوض من السرير في الصباح وبدء يومهم.

لكن للأسف إن جعلك التفكير في أهدافك تشعر بالسوء، ستبدأ بتفادي التفكير بها تدريجياً لتخفيف شعور الذنب الذي يعتريك.

إذا وُجِب عليك الشعور بالاستياء من أجل إنجاز الأمور، حتماً ستجد في مرحلة ما بعض الطرائق لإيقاف هذا الشعور بصفته مصادر تشتيت للانتباه ومواقع التواصل الاجتماعي، أو الإنكار أو ضغط نفسك في العمل؛ فلكلٍّ منا طرائقه المفضلة في تجنب هذا الصراع.

يجب أن نقنع بما لدينا من أجل النجاح دون عناء، وأن نستثمر كل محنةٍ ومنحة لتحفيز أنفسنا، وستستطيع الاستمتاع بالدافع المستمر والنجاح حين تتوقف عن استخدام التعاسة وعدم الرضى بصفتها وسائل تحفيزية.

2. الإصرار على إيجاد طريق مباشر للنجاح:

يعلم الأشخاص الناجحون أنَّ حياتهم ومسيرتهم المهنية مملوءة بالتقلبات والتغيرات غير المتوقعة ويتقبَّلون ذلك، ويعلمون أنَّ العالم متقلِّب؛ لذا لا يعاندون ويقاومون التغيير؛ لكنَّهم كذلك لا يتخلون عن الأهداف التي يريدون الوصول إليها، فيختارون هدفاً، أو حلماً كبيراً ويشقون طريقهم نحوه.

بذلك لا يصرُّون على الطريق المباشر للنجاح، أو يعدُّونه فشلاً عندما يتعين عليهم الخروج عن الخطة التي وضعوها لأنفسهم؛ بل ينتهزون الفرص التي تعترض طريقهم والتغيرات التي تحدث حولهم، ويمضون قُدماً نحو النجاح دون معاناة بلا طائل.

شاهد بالفيديو: 18 نصيحة سريعة تساعدك على تحقيق النجاح

3. محاولة تغيير كل شيء دفعة واحدة:

يقول الفيسلوف اليوناني "أرسطو" (Aristotle): "التميُّز هو فن يُكتَسَب بالتدرُّب والتعوُّد، نحن نتقن ما نفعله مراراً وتكراراً؛ لذا التميُّز ليس فعلاً؛ بل عادة".

نحن نحتاج لتحقيق النجاح دون معاناة، إلى تكوين عادات إيجابية وفاعلة؛ فالأشخاص الذين تطول معاناتهم يجهلون ذلك أو يحاولون تجاهله، ويظنون أنَّهم سيكونون قادرين على الالتزام بالإرادة وحدها، وتعلُّم 20 عادة جديدة في آن واحد، وإجراء تغييرات شاملة، وكلُّ ذلك باستخدام التعاسة بصفتها دافعاً أساسياً.

للأسف لا تنجح الحياة والعادات بهذه الطريقة، فقد أظهرت تجارب أخصائي علم النفس الاجتماعي "روي باومستر" (Roy Baumeister) أنَّ قوة الإرادة؛ أي القدرة على كبح ردود أفعالنا الطبيعية، محدودة مثل القوة البدنية.

لذلك نحتاج إذا أردنا تغيير سلوك معتاد معين، إلى تركيز قوة الإرادة القليلة التي لدينا على هذه العادة، بدلاً من استنزافها عبر إجراء 20 تغييراً مختلفاً.

الناس الذين دوماً ما يعانون، يحاولون إنجاز كل شيء في آن واحد، ويحاولون الالتزام بإجراء التغييرات على الصعيد الشخصي بالتوازي مع جميع التزاماتهم الأخرى، ويتساءلون لماذا يعانون حين يتعلق الأمر بإنجاز الأشياء الهامة.

في الختام:

بالطبع هذه الأخطاء مترابطة، ودفع نفسك بالتعاسة يجعلك تتوق إلى حل مشكلاتك جميعها في أسرع وقت ممكن، ويشجعك على النضال والكفاح، وهذا يؤدي بدوره إلى التخطيط والإصرار على اتباع "الطريق المباشر" الذي رسمته لنفسك، فتتجاهل العالم الحقيقي وتتجاهل الفرص التي لا تتوقعها وتستمر معاناتك.

حين لا تحدث التغييرات بالسرعة الكافية، ولا يثمر جهدك ويصبح تذكير نفسك بتعاستك لتدفع نفسك أمراً لا يطاق، يبدأ حينها دور التشتيت والإنكار والخداع بالتجلِّي؛ ومن ثَمَّ تتراجع إنتاجيتك قبل أن تكون مستعداً لبدء الكفاح مرة أخرى.

رأيت الإوز مرة أخرى في يوم آخر، وأدركت أنَّها لم تكن تكافح؛ وإنَّما تستمتع بوقتها، فتسبح عبر الماء وتعبِّر عن سعادتها، وتركز على اللحظة التي تفرد فيها أجنحتها وتحلق إنَّها لعبة، وأظن أنَّهم يستمتعون بالطوف على طول البحيرة بقدر ما يستمتعون بالطيران، أتساءل عما إذا عرفوا سر السعادة طوال الوقت؟