الحرية في الإسلام وأبعادها التربوية

الحرية في الإسلام وأبعادها التربوية
(اخر تعديل 2024-03-25 05:42:15 )
بواسطة

بعد نزول الشرائع السماوية التي نظَّمت العلاقات بين الناس وبين الإنسان والطبيعة، بدأت الصرخات تتزايد مُطالِبةً بالحرية، فالأطفال يرغبون في تجربة الحرية من أسرهم، والنساء يبحثن عنها في علاقتهن مع أزواجهن، بينما تسعى الأقليات إلى العيش بحرية أمام الأكثرية.

عندما جاء الإسلام، لم يكتفِ بتعزيز مفهوم الدين والعبادة فقط؛ بل ركز أيضاً على كرامة الإنسان وأهمية حقه في الحرية، وأشار الإسلام إلى أنَّ الحرية ليست مجرد امتياز؛ بل هي حق من حقوق الإنسان الطبيعية، فهي تمثل الأساس الذي يقوم عليه بناء المجتمع الإسلامي، ففي عالم لا توجد فيه الحرية، تفقد الحياة طعمها وجدواها؛ إذ يصبح من الصعب على الفرد تحقيق إمكاناته وتطلعاته.

بينما ننظر إلى عمق الإسلام وقيمه الجوهرية، نجد أنَّ مفهوم الحرية ينبعث منها بكل وضوح، فإذا كنت تتساءل عن كيفية فهم الإسلام للحرية؟ وما هي الأبعاد التربوية التي تنبع من هذا الفهم؟ وهل الحرية في الإسلام مجرد مفهوم نظري أم أنَّها تتجسد في تطبيقاته العملية؟ فستجد الإجابة في هذا المقال.

مفهوم الحرية من القيود إلى الاستقلال:

الحرية هي السمة البارزة التي تميز الإنسان عن بقية الكائنات على وجه الأرض، وإنَّها القدرة المطلقة على الابتداء والتصرف وفقاً لإرادتنا واختياراتنا، وقد نبدأ وننهي أفعالنا بناءً على رغبتنا وقرارنا الخاص، وهذا ما يمنحنا القدرة على تحقيق أهدافنا وطموحاتنا بحرية، بصرف النظر عما إذا كانت تلك الأهداف كبيرة أم صغيرة، فالحرية تمنحنا الفرصة للتطوير والتعبير عن ذواتنا وتحقيق إمكاناتنا الحقيقية.

يقول العلامة "ابن خلدون": "إنَّ الحرية هي قيمة اجتماعية أساسية يجد فيها الفرد نفسه ذا قدرة على القيام بما يريد القيام به دون عوائق أو قيود من قِبل نظم العمران البشري، فالحرية هي كل اختيار يختاره الإنسان بشكل لا يضر أي إنسان آخر".

تقوم الحرية على المساواة بين الجميع والعدالة التي تتجلى بوضع قوانين يلتزم بها الجميع دون تمييز، وعلى تكافؤ الفرص والحق في الاختيار والتفكير الحر والحق في طرح أي موضوع للمناقشة أو الاستفسار.

قد نجد أنواع متعددة من الحرية تنسجم مع تنوع الاحتياجات والأماني للإنسان، وهذه الأنواع تشمل الحرية الفردية التي تتمثل في الحقوق المدنية التي يمارسها الفرد لتحقيق مصالحه الشخصية، وهنا يأتي الحق في التصرف في شؤون نفسه وحرية التنقل والعمل والتعلم والاعتقاد والرأي والمشاركة السياسية بوصفهم أمثلة.

من ناحية أخرى، نجد الحرية الجماعية؛ إذ يمكن للفرد أن يشترك فيها مع الآخرين لتحقيق أهداف مشتركة، مثل حرية الانتماء والمشاركة السياسية وحرية الصحافة وغيرها من الحريات التي تجمع الأفراد لتحقيق تطلعاتهم وصياغة مستقبلهم المشترك.

الحرية في الإسلام:

لقد جاء الإسلام ليمنح الإنسان حريته في زمن كانت فيه القيود تكاد تكون لا تُحصى، وكان الناس مستعبَدين بمعنى فرض عدد من القيود عليهم، سواء على الصعيد الفكري أم السياسي أم الاجتماعي أم الديني أم الاقتصادي، وبفضل الإسلام تحققت أشكال متعددة من الحرية للإنسان:

1. الحرية الفكرية:

دعا الإسلام إلى التفكر في خلق الكون وحث الإنسان على التفكير النقدي، فالإسلام يعترف بحق الإنسان في الاجتهاد والبحث والتفكير بشكل مستقل، كما يرى أنَّه قادر على التمييز بين الخير والشر، ولديه الإرادة على اختيار الطريق الذي يريده، ومن الشواهد التي تؤكد على الحرية الفكرية قوله تعالى:

  • {قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}،[سورة يونس، آية 101].
  • {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}،[سورة الإنسان، الآية 3].
  • {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ}،[سورة آل عمران، الآية 190].

2. حرية الاعتقاد:

حرية الاعتقاد في الإسلام هي مبدأ أساسي وحق أصيل يتيح للإنسان أن يعتقد فيما يشاء ويتبع ديانته ومعتقداته بحرية، ويمكن تأييد ذلك بقوله تعالى:

  • {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}،[سورة البقرة الآية 256]، هذه الآية تؤكد أنَّه لا ينبغي فرض الدين بالإكراه، وتعكس انعكاساً واضحاً حرية الاعتقاد في الإسلام.
  • {فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُر}،[سورة الكهف الآية 29]، تظهر الحرية المطلقة للإنسان في اختيار الإيمان أو الكفر وتجسد مفهوم حرية الاعتقاد.
  • {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}،[يونس: الآية 99]، تُشير هذه الآية إلى أنَّ الله قد أراد أن يكون الإيمان خياراً شخصياً وليس إكراهاً.

شاهد بالفديو: اختر معتقداتك بعناية لأنَّها تصنع واقعك "Lauren Weinstein" "لورين وينستن"

3. الحرية الاجتماعية:

يحث الإسلام على الحرية الاجتماعية من خلال جوانب عدة وقِيم ترتكز على احترام الأفراد وحقوقهم في المجتمع، فمثلاً، يعطي الإسلام الفرد حرية اختيار شريك حياته بموافقة طوعية، فقد قال الله عز وجل:

  • {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}،[النور: 33].
  • {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ}،[البقرة: 232]، تشير هذه الآية إلى أنَّ المرأة لها حق اختيار زوجها وأنَّها لا يمكن أن تُجبَر على الزواج.
  • {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}،[البقرة: 228] تشجع هذه الآية على التعاون والتفاهم بين الزوجين في قرارات الحياة الزوجية.
  • قال رسول الله صلىالله عليه وسلم: "لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، فقالوا كيف إذنها؟ قال: أن تسكت".

4. حرية الأقليات:

أكد الإسلام على حرية الأقليات، فقال تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}، [الكافرون: 6]، تؤكد هذه الآية على حق الأفراد في اختيار ديانتهم وأنَّه يجب احترام ذلك الاختيار.

5. حرية التعبير عن الرأي:

يعترف الإسلام بحق الفرد في التعبير عن آرائه وأفكاره، لكن يجب أن يكون هذا الحق مصحوباً بالأمانة والأخلاق، ويجب على الفرد التعبير عن رأيه بصدق وأمانة، وعدم استخدام الكذب أو التشهير، كما يحث على الحوار والمناظرة فيما يتعلق بالقضايا والمسائل المختلفة.

يجب أن يكون النقاش بنَّاءً ومبنياً على الأدلة والحجج، إضافة إلى ذلك، يؤكد الإسلام على أهمية احترام حرية الآخرين في التعبير عن أفكارهم والاختلافات الفكرية، فلا يجوز التدخل في حق الآخرين في التعبير عن آرائهم، ويجب على المسلمين في الإسلام أن يحترموا قيم الأمة وثقافتها وأخلاقها في التعبير عن الرأي.

الاحترام المتبادل والتفاهم هما أساس التعايش السلمي، ومن الشواهد على ذلك: {والَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَــــــاهُمْ يُنفِقُونَ}، [الشورى: 38].

6. الحرية السياسية:

إحدى ضمانات المشاركة في المجتمع، وتعني الحرية السياسية قدرة الفرد على ممارسة سلوكه السياسي دون قيود، وما يثبت هذا الحق في الإسلام، قوله تعالى: {لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ}، [الغاشية: 22].

ضوابط الحرية في الإسلام:

يعترف الإسلام بحرية الفرد في عدد من الجوانب، ولكنَّه أيضاً يضع ضوابط وقيود لضمان أنَّ هذه الحريات تمارَس بشكل يتوافق مع القيم والأخلاق الإسلامية، وإليك بعض الضوابط الهامة لحرية الفرد في الإسلام:

1. ضابطة الشريعة:

توفِّرالشريعة الإسلامية الإطار الأساسي لتحديد ما هو جائز وما هو محظور؛ إذ يجب على المسلمين الامتثال لأحكام الشريعة في حياتهم اليومية.

2. تجنُّب الإساءة:

الحرية في التعبير يجب أن تتم بمرونة واحترام، ويجب تجنب الإساءة للديانات الأخرى وللأشخاص، فالإساءة أو النبذ للدين أو الأشخاص يُعَدُّ انتهاكاً للأخلاق وهو محظور بشكل قطعي.

3. المصلحة العامة:

يجب أن تمارَس حرية الفرد بمراعاة المصلحة العامة والمجتمع، ولا يجوز استغلال حرية الفرد للإضرار بالمجتمع أو الناس.

4. عدم التحريض على العنف:

يجب عدم استخدام حرية الفرد للتحريض على العنف أو الكراهية، فتحريض الناس على العنف أو الفتنة يُعَدُّ مخالفاً للقيم الإسلامية.

5. القيم والأخلاق:

يجب أن تتوافق الحرية مع القيم والأخلاق الإسلامية.

6. العدالة:

يجب أن تكون حرية الفرد متوازنة مع مفهوم العدالة، كما ينبغي أن تمارَس الحرية بطريقة تضمن حقوق الجميع وتحترم التوازن بين الأفراد والمجتمع.

شاهد بالفديو: أحاديث الرسول محمد ﷺ عن الأخلاق

الأبعاد التربوية للحرية في الإسلام:

يعبِّر البعد التربوي عن جانب هام في نمو الفرد وتطوره الاجتماعي، وإنَّه البعد الذي يساعد الإنسان على فهم دوره في المجتمع وكيفية التفاعل مع الآخرين بفاعلية، ويتجلى فيما يأتي:

1. تعزيز التعلم:

يُعَدُّ التعليم في الإسلام وسيلة لتمكين الأفراد وتطوير مهاراتهم ومعرفتهم وتعزيز حريتهم، وهذا يمكِّنهم من اتخاذ قرارات مستقلة والمساهمة في تطوير المجتمع.

توجد آيات عدة تشجع على التعليم والبحث واكتساب المعرفة، على سبيل المثال، يقول الله تعالى في سورة العلق [الآية 1-5]: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم}، ويروي الحديث الشريف: "طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ".

2. عقد الاتفاقيات بين الأفراد:

من الهام إبرام الاتفاقيات بين أفراد المجتمع بحيث يأخذ كل فرد حقه، وتضمن له حريته على أن يتجنب المحظورات في الإسلام في الاتفاقيات مثل السرقة أو خيانة الأمانة أو الزنا وغيرها.

3. العفو عند المقدرة والتسامح:

العفو هو قيمة هامة في الإسلام؛ إذ يشجِّع الإسلام على العفو والصفح عن الأخطاء والجرائم عندما يكون الإنسان قادراً على ذلك، وهذا يعكس رحمة ورفقة الإسلام، ويقول الله عز وجل في [سورة النور الآية 22]: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُم ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، كما حث النبي محمد صلى الله عليه وسلم على التسامح وتفهُّم الآخرين، فقال: "من لا يَرحَم لا يُرحَم".

4. احترام شرف الكلمة والوعود:

يحث القرآن الكريم على الصدق والوفاء والالتزام بالوعود؛ إذ يقول الله تعالى في [سورة البقرة الآية 177]: {لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}، تُظهِر هذه الآية أهمية الصدق والوفاء بالعهود والوعود.

5. فض الخلافات بين الأفراد:

يشير الله تعالى في [سورة الحشر الآية 10] إلى الأهمية الكبيرة للمؤمنين في تسوية الخلافات بينهم، فيقول: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}.

6. التعاون:

يشدد الإسلام على ضرورة التعاون، ففي [سورة المائدة الآية 2] يقول تعالى: "{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.

7. الرحمة والعطف:

الرحمة هي قيمة هامة في الإسلام، والقرآن يشدد على أهميتها في [سورة الأنبياء الآية 107]؛ إذ يقول الله عزَّ وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}.

8. الاعتدال وضبط النفس:

يشجع الإسلام على الاعتدال في الأمور وضبط النفس؛ إذ يقول الله تعالى في [سورة الأعراف الآية 31]: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.

9. الأمانة:

يَعُدُّ الإسلام الأمانة والصدق من القيم الأخلاقية الأساسية والمبادئ الرئيسة للسلوك الإنساني، ويقول تعالى في [سورة الأحزاب الآية 72]: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَان ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}.

تذكر هذه الآية الحادثة القديمة؛ إذ عُرِضت الأمانة على السماوات والأرض والجبال، وكان الإنسان الوحيد الذي قبل الأمانة وحملها.

10. الصدق:

يشدد الله على الصدق في [سورة البقرة الآية 42]، فيقول: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}، فهذه الآية تحث على قول الحق وعدم تحريفه أو تزييفه.

11. ترسيخ ثقافة الشورى:

يقول الله عزَّ وجل في [سورة الشورى الآية 38]: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}، فهذه الآية تشير إلى أنَّ المؤمنين هم الذين يتشاورون في أمرهم ويستشيرون في اتخاذ القرارات.

12. تحقيق المساواة في المجتمع:

يشجع الإسلام بشدة على مبدأ المساواة في المجتمع، ويؤكد على أنَّ جميع الناس متساوون أمام الله من حيث الحقوق والواجبات، ففي [سورة الحجرات الآية 13] يقول الله عزَّ وجل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.

13. الصبر:

يقول الله عزَّ وجل في [سورة البقرة الآية 155-156]: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}.

في الختام:

الحرية هي القوة الجبارة التي تسمح للإنسان بالابتكار والتعبير عن ذاته؛ إذ يمكننا أن نجسِّد آمالنا وأحلامنا في أفعال ومبادرات تعكس إرادتنا الحرة، وإنَّها كيان ينبض بالحياة، فيتسع صدرها لاستيعاب تنوع الآراء والأفكار، وتصبح الحرية مصدراً للإلهام والإبداع عندما يتاح للإنسان التحرك والتجاوز إلى الأمام بمرونة ودون قيود لتحقيق الأفضل لنفسه وفي مجتمعه.

الحرية في الإسلام ليست مجرد مفهوم فلسفي؛ بل هي قيمة أخلاقية واجتماعية متجذرة في تعاليم الدين؛ إذ يحث الإسلام على حرية العقيدة وحرية الرأي، وفي الوقت نفسه يؤكد على الحرية المسؤولة التي تأخذ في الحسبان مصلحة الفرد والمجتمع.

ترتبط الحرية في الإسلام بالعدالة والمساواة، وتعزز قيم التعاون والتواصل بين الأفراد، فمن خلال دراسة التعاليم الإسلامية وفهمها بشكل صحيح، يمكن للمسلمين وللجميع أن يعيشوا حياة تحترم حقوق الآخرين وتعزز الحرية والعدالة، فالحرية في الإسلام تعكس روح التسامح والتعايش، وهي قيمة تشجع على بناء مجتمع متنوع ومزدهر.