هل الغيرة صحية في العلاقة؟ بحث في سايكولوجيا

هل الغيرة صحية في العلاقة؟

على الرغم من أنَّ الغيرة هي عاطفة معقَّدة ولكنَّها ذات سمعة سيئة، إلا أنَّ الشعور بها ليس هو المشكلة؛ بل إنَّها أفعالك وسلوكاتك المرتبطة بهذه العاطفة، فرد الفعل الإيجابي على الغيرة هو أن تصبح منسجماً مع ذاتك، لهذا يجب أن تنظر في داخلك لفهم مشاعرك بشكل أعمق ولفهم ما الذي يمنعك من الحصول على الشيء الذي تحسد الآخرين عليه وتغار منه.

على سبيل المثال قد يشعر الشخص بالغيرة عند سماعه عن بدء صديقه علاقة جديدة، وهذا قد يدفعه إلى المبادرة بالمواعدة أو الاشتراك في أحد تطبيقات المواعدة، ومن ناحية أخرى سيكون رد الفعل السلبي هو عدم تقبُّل وفهم تلك المشاعر، وبدلاً من ذلك يسقطوها على الشخص الذي يشعر بالغيرة منه، وفي هذا المثال السابق قد يبدأ بالتحدث مع أصدقائه عن علاقته بشكل سلبي أو ساخر أو محاولة القيام بأشياء لإنهاء علاقة أصدقائه.

هل الغيرة دائماً تفسد العلاقات؟

يقول أحد الخبراء: "إذا قام شخص بالانقياد وراء مشاعر الغيرة، فمن المؤكد أنَّ ذلك يمكن أن يفسد علاقاته، فنحن جميعاً مسؤولون عن عواطفنا بصفتنا أفراداً، لذلك حتى في العلاقة العاطفية أو الزوجية، ليس من واجب شريكك إصلاح مشاعرك نيابةً عنك، وفي كثير من الأحيان يتوقع بعض الأشخاص من شركائهم تخليصهم من مشاعرهم السلبية أو غير الملائمة نيابةً عنهم، فيلجؤون إلى التحكم في سلوكات شركائهم وجعلها تعمل في اتجاه تخليصهم من تلك المشاعر".

مثال عن ذلك، يدعوني شريكي إلى كل تجمع اجتماعي يذهب إليه حتى لا أشعر بالغيرة، وبالطبع ليس هذا هو الحل، فالشيء الصحي الذي يجب فعله هو فحص قلقك وفهم سبب مخاوفك، فربما تشعر أنَّك لا تقضي ما يكفي من الوقت معه، لذلك قد يضطر شريكك إلى التنازل وإظهار بعض المرونة في تلبية احتياجاتك، لكن إذا لم يكن لديك هذا الصدق والوعي مع نفسك، فقد تؤدي غيرتك إلى إنهاء علاقتك.

كيف يمكنك احتواء الغيرة في علاقتك؟

يقول الخبراء إنَّه من الممكن عندما يختار الشخص استكشاف جذور مشاعره ويدعو شريكه إلى تلك التجربة وينخرط في نشاطات عملية للمساعدة على محاربة هذا الشعور، على سبيل المثال قد تبدأ بالشعور بالغيرة من شريكك عندما تشاهده ينمو وينجح في حياته المهنية، بينما تشعر أنَّك تراوح مكانك، فيمكن للتعبير الصحيح عن هذه المشاعر أن يعمق التواصل ويوفر له فرصة التحقق أنَّ نمو شريكه ونجاحه لا يمثلان تهديداً للعلاقة، وهذا لا يعني أنَّ الفرص غير متاحة له أيضاً.

ما هي صفات الأشخاص الغيورين؟

1. الناس الغيورون يبالغون في المديح:

لا يريد الغيورون الاعتراف بأنَّهم يشعرون بالغيرة منك، فعندما يرون إنجازاتك فإنَّهم يخبئون مشاعرهم الحقيقية من خلال الإفراط في دعمك والمبالغة في المجاملات، وقد يمدحك الغيور عندما تكون في حضرته، ولكنَّه سيقول الأكاذيب والأشياء السلبية عنك عندما تغيب، وعندما يشعر شخص ما بالغيرة منك، فإنَّه غالباً ما يصمت قليلاً قبل أن يهنئك أو يخبرك أنَّك قمت بإنجاز رائع، وهذا ناجم عن حسدهم المكبوت لنجاحك.

2. الناس الغيورون مقلدون ممتازون:

على الرغم من أنَّ الكثير من الناس يعتقدون أنَّ تقليد شخص ما لك هو شيء إيجابي أو دليل إعجاب من حولك بك، لكن لدى خبراء علم النفس رأي آخر؛ إذ غالباً ما يلجأ الغيورون إلى تقليدك في سلوكك وفي كل ما تفعله سواء كانت تسريحة شعرك أم ملابسك أم طريقة مشيك أم أسلوب كلامك، وحتى لو وجدت هذه الأمور ممتعة في البداية ولكنَّها لن تستمر كذلك، وينصح خبراء علم النفس بألا تولي أي اهتمام لمثل هذه السلوكات.

3. الغيورون يتباهون بنجاحاتهم أكثر من اللازم:

في حين أنَّك قد تكون متواضعاً جداً عندما تتكلم عن نجاحاتك أو مكاسبك، يحاول الغيورون أن يشعروا بالسعادة من خلال التعتيم على نجاحاتك عبر المبالغة في تزيين إنجازاتهم، حتى لو كانت نجاحاتهم أصغر بكثير مما أنجزته.

في أغلب الحالات عندما يحقق الغيورون النجاح في أي مجال فإنَّهم سيحاولون جعل الكون كله يعرف ذلك، وسوف يتفاخرون أمام الملأ بنجاحاتهم، فإنَّ الأشخاص الذين يتصرفون بهذه الطريقة يغارون كثيراً من نجاحات الآخرين وهم يعانون من نقص كبير في احترام الذات، وسيفعلون أي شيء لإثبات أنَّهم يستحقون النجاح أكثر من الآخرين بصرف النظر عن أي شيء آخر.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح من خبراء التنمية البشرية لحياة مستقرة

4. الغيورون يخدعونك بالنصائح:

نظراً لأنَّ الأشخاص الغيورين لا يريدون لك الخير، فإنَّهم يفسدون محاولاتك عبر تقديم نصيحة مغلوطة أو يثبطونك أو يحبطون معنوياتك، وتذكر أنَّ ما يريدونه هو أن تفشل، فإذا سألت شخصاً يغار منك للاستفادة من نصيحته بشأن موضوع ما، فقد يقوم عمداً بإعطائك نصائح مغلوطة، وعندما تطرح عليه أيَّة خطة أو طموح أو أحلام فإنَّه سيذكر السلبيات فقط أو يشير إلى عيوبك أو يقلل من قيمتك لإحباطك وثنيك عن تحقيق هدفك.

5. الغيورون يشوهون سمعتك:

أظهرت الأبحاث أنَّ الأشخاص الذين يتحدثون بشكل سلبي عن الآخرين لديهم مستويات عالية من العدوانية والقلق ونقص تقدير الذات، وإنَّهم يسيئون إلى الآخرين لأنَّهم يريدون أن يشعروا بالتفوق على الرغم من أنَّهم غير واثقين بأنفسهم.

يمكن للأشخاص الغيورين أن يحاولوا تشويه سمعتك بنشر أخبار كاذبة أو إبداء وجهات نظر سلبية عنك أمام الآخرين، وغالباً ما يعمل الأشخاص الغيورون في الخفاء، حتى إنَّهم قد يظهرون على أنَّهم ودودون للغاية، فهم يحاربونك في غيابك ويمدحونك عندما تكون موجوداً، وعندما تدير ظهرك سوف يقللون من قيمتك وقيمة نجاحاتك ويقولون أشياء سلبية عنك.

6. الغيورون تنافسيون للغاية:

سيبذل الغيور كل ما بوسعه لتجاوزك أو التفوق عليك أو تحقيق نجاحات أكثر منك، ليس لأنَّه لا يعترف بأحقيتك؛ بل لأنَّ نجاحاتك تُشعره بانعدام الكفاءة أو بمعنى آخر تحرك عقدة النقص لديه، وقد يكون من المغري أن تنخرط معه في منافسة، لكن احذر من ذلك لأنَّه سيحاول بكل الطرائق سواء الشرعية أم غير الشرعية تجاوزك والالتفاف عليك؛ لذا من الأفضل أن تحاول بناء بيئة يسودها التعاون والتعاضد بدل التنافس بهذه الطريقة.

7. الغيورون يُكثرون من النقد:

هل يوجد لديك زميل أو قريب ينتقدك في كل مرحلة جديدة تكون على أعتابها؟ أغلبنا لدينا هذا الشخص في حياتنا، ومن المحتمل جداً أن يكون هذا الزميل يشعر بالغيرة من فرصنا وقدراتنا، فالزميل العادي أو الصديق الحقيقي سوف يكتفي ببعض الانتقادات البناءة دون أيَّة مبالغة، ولكنَّ الأشخاص الغيورين سيجعلون النقد السلبي شغلهم الشاغل؛ إذ يشيرون إلى عيوبك في كل فرصة ويفرحون بذلك، حتى إنَّهم قد ينقدونك أو يسخرون منك في كل الأوقات والمواقف حتى في الأماكن العامة.

8. الغيور يفرح بفشلك:

عندما يفرح أحدهم بفشلك فهذه إشارة واضحة على وجود مشاعر الغيرة، وصحيح أنَّ الأشخاص الغيورين لن يفرحوا أمامك بشكل واضح ولن يرقصوا عندما يوبخك مديرك في العمل، لكن في أعماقهم سيفرحون بسقوطك ويحتفلون بفشلك، وسيكونون في أسعد حالاتهم بمجرد علمهم بفشلك، وبعد ذلك سيتظاهرون بأنَّهم متعاطفون معك ثم يعزونك بغرض الحصول على مزيد من المعلومات عن فشلك بما يغذي مشاعر الغيرة لديهم.

9. الغيورون يُفسدون خططك:

إحدى العلامات التي تدل على أنَّ أحدهم يشعر بالغيرة منك هو أنَّه سوف يعمد إلى نقل الأخبار السيئة التي تفسد مزاجك وخطتك مدعياً أنَّه يقدم لك نصيحة من أجلك، على سبيل المثال قررت الذهاب في رحلة وعندما تتحدث عن الرحلة مع "صديقك" يخبرك على الفور أنَّ الجو سيكون عاصفاً بالتأكيد في الأيام التي ستبدأ فيها رحلتك، وسيقول أي شيء سلبي لإثارة الشك في قلبك وإفساد سعادتك؛ لذا كن حذراً إذا قال "صديقك" شيئاً يفسد ما تنوي الاستمتاع به أو يجعلك متوتراً بشأن الاحتمالات السلبية التي يقترحها عليك.

إقرأ أيضاً: 5 طرق تؤثر بها الغيرة على صحتك

10. الغيورون يهينونك أمام الآخرين:

يستغل الأشخاص الغيورون كل فرصة لانتقادك أو التقليل من شأن إنجازاتك، وإحدى أكثر الطرائق التي يستخدمونها للقيام بذلك هي إهانتك أمام الآخرين، فما الذي يدفعهم إلى هذا؟ إنَّهم يريدون إثبات أنفسهم بوصفهم أشخاصاً أعلى شأناً منك، ويحاولون تقليل احترامك من خلال المبالغة في الإشارة إلى أخطائك أمام الآخرين.

في الختام:

كلنا اختبرنا أو سنختبر مشاعر الغيرة في يوم من الأيام، فإنَّها جزء لا يتجزأ من منظومة المشاعر الإنسانية التي توجد لدينا بشكل فطري، لكن الهام هو ألا ندع هذه المشاعر تتحكم بنا أو تقودنا إلى إيذاء الآخرين أو إفساد علاقاتنا بشركائنا، والحل الأمثل دائماً هو احتضان هذه المشاعر وتقبُّلها بصفتها جزءاً من التجربة الإنسانية التي نعيشها بصفتنا بشراً، ومحاولة استغلال الطاقة التي تنجم عن هذه المشاعر في أمور إيجابيَّة مفيدة لنا ولمَن حولنا.