المدن الذكية في الإمارات

المدن الذكية في الإمارات
(اخر تعديل 2023-08-11 06:48:24 )
بواسطة

1. مدينة دبي:

دبي المعروفة باسم جوهرة الإمارات العربية المتحدة كانت رائدة في عالم المدن الذكية، وبفضل ناطحات السحاب المشهورة، والهندسة المعمارية المتطورة، والعقلية المبتكرة كانت دبي في طليعة التنمية الحضرية، وتسعى جاهدة إلى إنشاء مدينة المستقبل، كما تتمثل رؤية مدينة دبي الذكية في الاستفادة من التقنيات المتقدمة لتحسين نوعية الحياة لسكانها وزوارها والشركات مع تعزيز النمو المستدام.

مدينة دبي

يكمن مفهوم الاتصال في قلب مدينة دبي الذكية، فتُدمَج مختلف جوانب الحياة الحضرية بسلاسة من خلال التقنيات المتقدمة، وأحد مجالات التركيز الرئيسة هو النقل الذكي مع مبادرات مثل مترو دبي، والمركبات ذاتية القيادة، وأنظمة إدارة المرور الذكية التي تهدف إلى تحسين التنقل وتقليل الازدحام، وقد كانت دبي أيضاً رائدة في استخدام الطائرات من دون طيار لمختلف التطبيقات، ومن ذلك مراقبة حركة المرور، وتسليم البضائع، وحتى نقل الركاب، مع خطط لإطلاق سيارات الأجرة الطائرة في المستقبل القريب.

تُعَدُّ إدارة الطاقة عنصراً حاسماً آخر في مدينة دبي الذكية، وتستثمر المدينة في مصادر الطاقة المتجددة؛ مثل الطاقة الشمسية لتقليل انبعاثات الكربون وتعزيز الحياة المستدامة، ودُمِجَت الألواح الشمسية في المباني، ودبي هي موطن لواحدة من أكبر مجمَّعات الطاقة الشمسية في العالم؛ مثل مجمَّع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية الذي تبلغ طاقته الإنتاجية أكثر من 5000 ميجا واط، ويهدف إلى توليد 75% من إجمالي إنتاج الطاقة في دبي من الطاقة المتجددة بحلول عام 2050.

كما تركز مدينة دبي الذكية أيضاً على إنشاء مبانٍ ذكية ومستدامة، وقد جُهِّزَت عدَّة ناطحات سحاب في دبي بأحدث التقنيات لإدارة الطاقة وتقليل النفايات وأنظمة إدارة المباني الذكية؛ فمثلاً قام برج خليفة الأيقوني أطول مبنى في العالم بتطبيق تقنيات ذكية لإدارة استهلاك الطاقة واستخدام المياه وإدارة النفايات؛ ما يجعله أحد أكثر المباني الشاهقة استدامة في العالم.

يُعَدُّ مفهوم الحوكمة الذكية أيضاً أحد الركائز الأساسية لمدينة دبي الذكية، وتستثمر المدينة في مبادرات الرقمنة والحوكمة الإلكترونية لتبسيط الخدمات وإتاحتها للمقيمين والشركات من خلال بوابات الإنترنت وتطبيقات الهاتف المحمول، ويشمل ذلك خدمات مثل الدفع الإلكتروني، وتطبيقات الحكومة الذكية، وأنظمة تحديد الهوية الرقمية؛ ما يجعل المعاملات والتفاعلات مع الجهات الحكومية أكثر كفاءة وملاءمة.

كما تركز مدينة دبي الذكية أيضاً على إنشاء تجربة معيشية سلسة لسكانها، فقد نفَّذت المدينة حلولاً ذكية للرعاية الصحية والتعليم والسلامة العامة؛ مثلاً تُستخدَم تقنيات التطبيب عن بُعد ومراقبة المرضى عن بُعد لتقديم خدمات الرعاية الصحية، في حين تعمل الفصول الدراسية الذكية ومنصات التعلم الرقمية على تغيير المشهد التعليمي، كما نشرت المدينة تقنيات متقدمة للسلامة العامة، ومن ذلك أنظمة المراقبة الذكية، وإدارة الاستجابة للطوارئ، وأنظمة الكشف الذكية عن الحرائق والوقاية منها.

مع ذلك مثل أي مشروع تطوير حضري طموح تواجه مدينة دبي الذكية أيضاً تحديات، ومن التحديات الرئيسة هو الحاجة إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية، ولأنَّها مدينة بُنِيَت على مشاريع البنية التحتية الطموحة والتحضر السريع؛ تواجه دبي تحدي إدارة تأثيرها البيئي وضمان استدامة نموها على الأمد الطويل، والتحدي الآخر هو الحاجة إلى ضمان أن تكون فوائد مبادرات المدن الذكية شاملة وتصل إلى جميع شرائح السكان، لا سيَّما ذوي الدخل المنخفض والعمال المهاجرين.

على الرغم من التحديات تقدم مدينة دبي الذكية فرصاً هائلة للمستقبل، ويوفر التزام المدينة الابتكار والتقدم التكنولوجي والتنمية المستدامة أرضاً خصبة لنمو الصناعات المختلفة، ومن ذلك التقنيات النظيفة والبنية التحتية الذكية والخدمات الرقمية، كما أنَّه يجذب المواهب العالمية والشركات والاستثمار؛ وهذا يجعل دبي مركزاً عالمياً للمدينة الذكية يعزز الإبداع وريادة الأعمال والنمو الاقتصادي.

2. مدينة مصدر:

تقع مدينة مصدر في أبوظبي؛ وهي مشروع فريد وطموح يهدف إلى إنشاء واحدة من أكثر المجتمعات الحضرية استدامة في العالم، وقد صُمِّمَت مدينة مصدر التي طورتها شركة "مصدر" التابعة لشركة مبادلة للاستثمار لتكون مختبراً حياً للتقنيات المتطورة والممارسات المستدامة؛ بهدف تحقيق انبعاثات كربونية صفرية وخالية من النفايات.

مدينة مصدر

تتمثل إحدى السمات الرئيسة التي تميز مدينة مصدر في تركيزها على الطاقة المتجددة، وتُشغَّل المدينة من خلال مصادر الطاقة النظيفة، ومن ذلك واحدة من أكبر مزارع الطاقة الشمسية في الشرق الأوسط التي تولد الكهرباء لتلبية احتياجات الطاقة في المدينة، وتستخدم مدينة مصدر أيضاً أنظمة مبتكرة لإدارة الطاقة؛ مثل الشبكات الذكية والمباني الموفرة للطاقة لتحسين استخدام الطاقة وتقليل النفايات.

جانب آخر فريد من نوعه لمدينة مصدر هو تركيزها على النقل المستدام، فقد صُمِّمَت لتكون صديقة للمشاة مع وجود شوارع يمكن المشي فيها وممرات مظللة ومحطات شحن المركبات الكهربائية، ويوفر نظام النقل الشخصي السريع (PRT) الذي يتكون من سيارات كهربائية ذاتية القيادة تنقل الركاب داخل المدينة وسيلة نقل فاعلة ومستدامة؛ وهذا يقلل من اعتماد المركبات التقليدية ويقلل من انبعاثات الكربون.

تُعَدُّ إدارة المياه أيضاً محوراً رئيساً في مدينة مصدر، فتُعَدُّ ندرة المياه قضية هامة في المنطقة، وتستخدم المدينة تقنيات متقدمة للحفاظ على المياه؛ مثل أنظمة الري الفاعلة، وإعادة تدوير المياه الرمادية، وعدادات المياه الذكية لمراقبة استهلاك المياه وإدارته، إضافة إلى ذلك نفَّذت مدينة مصدر مساحات خضراء، وأسطح خضراء، وحدائق عمودية؛ ما يساعد على الحد من تأثير الجزر الحرارية الحضرية، وتحسين جودة الهواء، وتعزيز الحياة العامة للمدينة.

تُعَدُّ مدينة مصدر أيضاً مركزاً للابتكار والبحث في مجال الاستدامة، ومعهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا يقع داخل المدينة، وهو مؤسسة بحثية رائدة تركز على الطاقة المتجددة والتقنيات المستدامة والدراسات البيئية، ويتعاون المعهد مع شركاء محليين ودوليين لتطوير حلول متطورة لتحديات الاستدامة العالمية؛ ما يجعل مدينة مصدر مركزاً للمعرفة ومركزاً للابتكار المستدام.

إضافة إلى ميزاتها المستدامة تعطي مدينة مصدر الأولوية للمشاركة المجتمعية والاستدامة الاجتماعية، فتوفر المدينة مستوى عالياً من الحياة لسكانها، مع مجموعة متنوعة من خيارات السكن ووسائل الراحة والمرافق الترفيهية، وتستضيف مدينة مصدر أيضاً الأحداث والنشاطات التي تعزز الوعي بالاستدامة والتعليم والتبادل الثقافي؛ ما يعزز مجتمعاً حيوياً وشاملاً يتبنى الاستدامة أسلوب حياة.

مع ذلك مثل أي مشروع رائد تواجه مدينة مصدر أيضاً تحديات؛ إذ تتطلب الأهداف الطموحة لتحقيق انبعاثات كربونية صفرية ونفايات صفرية جهوداً واستثمارات مستمرة في التقنيات المتقدمة والبنية التحتية وأطر السياسات، وتحتاج المدينة أيضاً إلى التكيف والتطور باستمرار لتلبية الاحتياجات والتطلعات المتغيرة لسكانها والشركات، فضلاً عن معالجة التباينات الاجتماعية والاقتصادية المحتملة.

3. مدينة عجمان الذكية:

مدينة عجمان الذكية هي مشروع ذو رؤية تهدف إلى تحويل إمارة عجمان في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى مركز حضري ذكي ومستدام، فتسعى مدينة عجمان الذكية التي طورتها دائرة البلدية والتخطيط في عجمان إلى الاستفادة من التقنيات المتقدمة والحلول المبتكرة لتعزيز جودة الحياة لسكانها وأعمالها وزوارها مع تعزيز النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية.

مدينة عجمان الذكية

أحد مجالات التركيز الرئيسة لمدينة عجمان الذكية هو اعتماد التقنيات الذكية لتحسين كفاءة الخدمات البلدية وتعزيز التجربة الحضرية الشاملة، وتستثمر المدينة في أحدث البنى التحتية، مثل المستشعرات المتقدمة وتحليلات البيانات وتقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) لتحسين تخصيص الموارد وتبسيط العمليات وتعزيز تقديم الخدمات.

مثلاً تُنَفَّذ أنظمة إدارة النفايات الذكية لتحسين جمع النفايات وإعادة تدويرها، في حين تُنشَر أنظمة إدارة حركة المرور الذكية لتحسين التنقل وتقليل الازدحام؛ وهذا يجعل المدينة أكثر استدامة وحيوية، ومن السمات البارزة الأخرى لمدينة عجمان الذكية تركيزها على الاستدامة والحفاظ على البيئة، فتلتزم المدينة الحدَّ من انبعاثات الكربون وتعزيز الممارسات المستدامة، كما تستثمر أيضاً في تدبيرات الحفاظ على المياه، إضافة إلى ذلك تركز مدينة عجمان الذكية بشدة على التنقل الذكي والمواصلات.

تركز مدينة عجمان الذكية إلى حدٍّ كبيرٍ على المشاركة المجتمعية والاستدامة الاجتماعية، وتهدف المدينة إلى إنشاء مجتمع شامل ومتماسك يشارك بنشاط في تشكيل تنمية المدينة، وهي تعزز مشاركة المجتمع من خلال مبادرات مثل المشاورات العامة والتخطيط التشاركي والمشاريع التي يقودها المجتمع.

إضافة إلى ذلك تعزز مدينة عجمان الذكية الاستدامة الاجتماعية؛ من خلال إعطاء الأولوية للإسكان ميسور التكلفة، والرعاية الصحية، والتعليم، والمبادرات الثقافية لإنشاء مدينة متكاملة ونابضة بالحياة اجتماعياً، ومع ذلك مثل أي مشروع تطوير حضري تواجه مدينة عجمان الذكية أيضاً تحديات؛ إذ إنَّ التنفيذ الناجح للتقنيات المتقدمة، وضمان أمن البيانات والخصوصية، وإدارة الآثار الاجتماعية والاقتصادية للتطور السريع هي بعض التحديات التي تحتاج إلى معالجة، ويُعَدُّ ضمان أنَّ فوائد تطوير المدينة الذكية في متناول جميع السكان ومن ذلك المجتمعات المُهمَّشة والضعيفة جانباً هاماً من الاستدامة الاجتماعية.

4. مدينة الشارقة المستدامة:

مدينة الشارقة المستدامة

مدينة الشارقة المستدامة هي مشروع تنموي مبتكر وطموح يهدف إلى إنشاء مجتمع حضري مستدام ومسؤول بيئياً في إمارة الشارقة في الإمارات العربية المتحدة، وقد طورت هيئةُ الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) بالتعاون مع شركة (دايموند ديفلوبرز) مدينةَ الشارقة المستدامة، وصُمِّمَت مدينة الشارقة المستدامة حلاً شاملاً يعالج الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والبيئية للاستدامة، مع التركيز القوي على رفاهية سكانها والمحافظة على البيئة الطبيعية.

تتمثل إحدى السمات الرئيسة لمدينة الشارقة المستدامة في التزامها الاستدامة والحفاظ على البيئة، كما بُنِيَت المدينة على مبادئ المباني الخضراء، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة، وتعزيز إدارة الموارد المسؤولة، ويشتمل التطوير على مجموعة متنوعة من الميزات المستدامة، مثل المباني الموفرة للطاقة، والألواح الشمسية، والمساحات الخضراء، والأنظمة الذكية لإدارة المياه والنفايات بكفاءة، وتهدف هذه الجهود إلى تقليل التأثير البيئي للمدينة مع إنشاء بيئة معيشية صحية ومستدامة لسكانها، كما تتميز بالمساحات العامة والحدائق والمرافق الترفيهية التي تشجع التفاعلات الاجتماعية وتبني روح مجتمعية قوية.

جانب آخر بارز في مدينة الشارقة المستدامة هو تفانيها في التنقل والنقل المستدامَين، فتشجع المدينة استخدام المركبات الكهربائية مع بنية تحتية شاملة للشحن، وتشجع السكان على اعتماد خيارات نقل مستدامة مثل المشي وركوب الدراجات، إضافة إلى ذلك صُمِّمَت المدينة بمسارات قابلة للمشي وركوب الدراجات، وأنظمة نقل عام فاعلة لتقليل اعتماد المركبات الخاصة وتعزيز التنقل المستدام؛ وهذا يسهم في تقليل الانبعاثات وبيئة أنظف.

في الختام:

تمثل المدن الذكية في الإمارات نموذجاً لالتزام الدولة بالابتكار والاستدامة والتقدم التكنولوجي، وتعرض هذه المدن مثل مدينة دبي الذكية، ومدينة مصدر، ومدينة عجمان الذكية، ومدينة الشارقة المستدامة رؤية جريئة لمستقبل الحياة الحضرية بفضل بنيتها التحتية الذكية، وأنظمة النقل الفاعلة، وتكامل الطاقة المتجددة، والنهج المرتكز على المواطن.

إنَّ هذه المدن الذكية هي في طليعة حركة المدن الذكية العالمية، وما تزال تواجه تحديات؛ لكنَّ القيادة الإماراتية وأطر السياسات والاستثمارات في البحث والتطوير خلقت بيئة ملائمة لنمو المدن الذكية في الدولة، ويُعَدُّ نجاح هذه المدن الذكية في الإمارات مصدر إلهام للمدن الأخرى في جميع أنحاء العالم لمحاكاته، فتستمر في تمهيد الطريق لمستقبل حضري مستدام ومبتكر.