كيف تتعامل مع الانفصال؟
يعبِّر مصطلح الفطام عن توقف عملية الرضاعة الطبيعية للطفل، والبدء بتنويع مصادر تغذيته، وقد برزت بعض التساؤلات عن مدى أهمية الرضاعة الطبيعية، ويُذكَر منها ما يأتي: "هل تحدث عملية الفطام في حالة الرضاعة من الزجاجة؟ وما هو تأثير ذلك في نمو الطفل الجسدي والنفسي؟ وهل تؤثر مدة الرضاعة الطبيعية وعملية الفطام في الطفل؟ وما هو الفرق بين الجانب النفسي والجسدي لعملية الفطام؟ وهل يحدث الفطام والانفصال عن الأم فعلياً عند التوقف عن الرضاعة الطبيعية؟ أو بمعنى آخر، هل تمت عملية الفطام؟
هل يُعَدُّ الحبو والمشي جزأين من عملية الفطام والانفصال عن الأم؟ وهل يُعَدُّ الذهاب إلى الحضانة والمدرسة بعد ذلك جزءاً من عملية الفطام؟ ومَن الذي يتعرض لعملية الفطام؟ وهل يحتاج الرجل الذي يعتمد على المرأة إلى أن يستقل عنها ويتحمل مسؤولية حياته كما يحدث في عملية الفطام؟ وهل تُعَدُّ الصداقات والعلاقات ومغادرة المنزل بغية الزواج وتأسيس عائلة خاصة بك جزءاً من عملية الفطام؟ ومن الذي يتعرض لعملية الفطام؟
هل تثير هذه الأسئلة مشاعر العجز، أو اليأس، أو الخوف، أو الذنب، أو الغضب، أو الجشع، أو الشراهة عندك؟ وهل تنجم مشاعر الحب المشوهة تجاه الذات والآخرين والعالم عندما يتعامل الفرد مع الانفصال بطريقة خاطئة؟ وهل تلتزم بالمعايير الأخلاقية التي فرضتها على نفسك؟ وما مدى تأثير الاستهلاك والجشع في مستقبل الجنس البشري؟
تساعدك هذه الأسئلة على التفكير بعلاقاتك الأولى ومدى تأثير ماضيك في حاضرك، وفيما يأتي بعض العوامل التي قد تساعدك على الإجابة عن الأسئلة المذكورة آنفاً وتقييم مدى تقدُّمك في تجربتك الحياتية:
1. علامات الاتكالية والاعتماد على الآخرين:
فيما يأتي بعض العلامات التي تدل على أنَّك شخص اتكالي ومُعتمِد على الآخرين:
2. قواعد الاعتماد على النفس وتحمُّل المسؤولية الشخصية:
يتوقف الإنسان عن الاعتماد على الآخرين عندما يستوعب الأفكار الآتية:
شاهد بالفديو: أهم النصائح لحماية الطفل من المشاكل النفسية
الانفصال في حياة الفرد:
هذا يعني أنَّ الفطام عملية تحدث بشكل متكرر في حياة الفرد، ويتم فيها انفصاله عن الشخص الذي يعتمد عليه عاطفياً وجسدياً، ونضوجه بعد التجربة، وتكوين علاقات جديدة، والانفصال من جديد، وهكذا دواليك حتى يدرك في نهاية المطاف أنَّه منفصل ومستقل من جهة وخاضع لإرادة الله من جهة أخرى.
تُعَدُّ هذه الفكرة بمنزلة فرصة ومشكلة في آنٍ معاً بالنسبة إلى للمتزوجين، فهي تُظهِر جميع المشكلات المرتبطة بالفطام والانفصال التي تعذَّر حلها في الماضي، ولكنَّها تحدث بشكل مخالف في هذه المرة في حال حدوث حمل أو تبنِّي طفل.
يواجه الأزواج مشكلات تتعلق بالاعتمادية، والمسؤولية، والتمسك، والتعلق العاطفي المرضي، والاستحقاق، وتقسيم المهام، وتصبح العلاقات صحية وسويَّة عند التقرب من الله والتماس رحمته.
يجب أن تعمل على التقرب من الله حتى تكون قادراً على التعامل مع المشاعر المؤذية المرافقة لتجارب الانفصال التي قد تتعرض لها خلال حياتك، بدل أن تكون مستسلماً وخائفاً وعدوانياً ومتَّكلاً على الطرف الآخر في العلاقة.
إقرأ أيضاً: مرض القلق النفسي: أسبابه، أنواعه، أعراضه، علاجه
التعامل مع تجارب الانفصال:
لا بدَّ أن تتأزم صحتك النفسية والجسدية عندما تصبح العلاقة مؤذية، كما أنَّها قد تنتهي بسرعة ويحدث الانفصال، فإذا حصل انفصال أو طلاق، فإنَّ آلام الفطام التي تجنبتها في الماضي ستعاود الظهور بشدة تعتمد على مستوى نضجك والأذى النفسي الذي لحق بك، وقد يقوم الفرد بإثارة شعور الذنب لدى الطرف الآخر في العلاقة وتحميله مسؤولية ما حدث، أو قد يطلب تعويضاً أو يحاول الانتقام، وغيرها من السلوكات غير السويَّة في التعامل مع الانفصال.
يكون ألم الانفصال في هذه الحالة لا يُحتمَل، وكما ينادي الرضيع والديه بغضب واستياء عند الفطام، يلجأ البالغ في مرحلة الانفصال إلى القانون بغية التعامل مع الألم الذي لحق به جرَّاء الانفصال والحصول على الدعم الذي يستحقه على حد زعمه، وهذا يعزز أسلوب ميل الفرد إلى البحث عن الأمان والسعادة في الممتلكات المادية وعدم التعلق بالأشخاص.
يتكرر ألم الفطام في حالات الانفصال والطلاق، فلا يمكن تجنب هذا الألم أو تخفيفه عبر ممارسة السلوكات أو التصرفات السيئة والمؤذية بحق الآخرين مثل المطالبة بالحقوق أو التمسك بالعلاقة على الرغم من كونها مؤذية.
في الختام:
يحدث النضج العاطفي، والاستقلال عن الآخرين، والتعامل مع الانفصال بطريقة صحية عند التقرب من الله والتخلص من رواسب العلاقات المنتهية؛ وهذا يعني أنَّ مراحل الفطام، والحزن، وقبول الحزن تستمر مدى الحياة في أثناء إحرازك للنمو والتقدم.
تزداد قدرتك على الارتباط، والمحبة، والانفصال، والنضج، والتجاوز واللجوء إلى رحمة الله ومحبته التي لا تنضب عندما تكون مدركاً للمرحلة التي وصلت إليها في عملية الانفصال خلال حياتك، فلن تتعرض لآلام الانفصال والفطام عندما تبلغ هذه المرحلة من التقرب لخالقك.